حرمة المسلم في حياته وبعد موته
السُّؤَالُ
ـينتشر بين الشباب في مصر قرص ليزر عن التذكير بالموت وضمن محتويات القرص, شاب يعذب في قبره ويعرض صورة ميت مشوة, يدعى أنه شاب كان جميل المنظر , تارك للصلاة ويسمع الأغاني وتم إخراجه من قبره بعد ثلاث ساعات من وفاته بناء علي طلب والده لشكه في وفاته. تم استخراج الجثة ويدعي الفيلم أن الجثة خرجت مشوهة نتيجة عذاب القبر (قام الفيلم بتصوير الجثة وعرضها مع تكبيرها) .
١-من رحمة الله بنا أن عذاب القبر من الغيبيات هل من الممكن ظهور عذاب القبر علي الميت حتى يراه الحي؟
٢-هل من المسموح لنا انتهاك حرمة الميت وتصويره وعرضه على الناس حتى لوعلى سبيل التذكرة؟
٣-الدعوة إلى الله بالترهيب وتخويف الناس أفضل (الصورة مخيفة جدا) أم بالحب لله ورسوله والحكمة والموعظة الحسنه.
٤-هل أساهم وأنشر هذا القرص بين الناس أم هذا الأمر مشكوك فيه (إذا أردت أرسل لك نسخه منه) . شكراـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقصة الشاب لا نعلم شيئاً عن صحتها إذ أنها تداولها الناس في الساحات، ولم نتمكن من إسنادها لمصدر يوثق به، وأما ظهور عذاب القبر على ميت ما بعد دفنه فلا نعلم ما يمنع من وقوعه، ولا شك أن ادعاء ما لم يحصل فعلا لا يجوز ولو بقصد تخويف الناس من عذاب القبور وترغيبهم في الطاعات، لأن أفضل ما يدعى به وينذر ويخوف به هو الوحي كتاباً أو سنة ثابتة، فهو أشد تأثيرا وأوقع في القلوب.
وقد قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ {الأنبياء: ٤٥}
وقال تعالى: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ {الأنعام: ١٩}
وقال تعالى: قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي {سبأ: ٥٠}
ومن نظر في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فسيلاحظ كثرة ذكر الرواة أنه دعا قوما وقرأ عليهم القرآن.
فقد ثبت ذلك في الصحيحين وفي غيرهما.
ولأن الغاية عندنا في الشرع لا تبرر الوسائل المحرمة ومنها الكذب.
ثم إن مما يستشكل في الموضوع إخراج الميت من قبره، والأصل أن هذا محرم نظرا لحرمة الميت وكرامته، إلا إذا كانت هناك ضرورة أو مصلحة راجحة، وإذا نبشناه فظهر أثر العذاب فيتعين ستره وعدم هتك عرضه لأن حرمة المسلم ثابتة في حياته وبعد موته فقد أخرج أبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كسر عظم الميت ككسر عظم الحي ".
قال ابن حجر: يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد الموت باقية، كما كانت في حياته. انتهى.
وروى الحاكم في المستدرك عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعين مرة، ومن كفن ميتا كساه الله من سندس وإستبرق الجنة، ومن حفر لميت قبرا وأجنه فيه أجري له من الأجر كأجر مسكن إلى يوم القيامة.
قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره على ذلك الذهبي في التلخيص، وصححه أيضا الألباني،
وبناء عليه فإنا لا نرى نشر هذا الأمر، وننصح المسلمين بالسعي في هداية الأحياء وستر الأموات وترك أمرهم إلى الله، فقد أفضوا إلى ما قدموا، فالسعي في هداية الناس بالوسائل المشروعة من أعظم العبادات وأفضل القرب، وقد رغب الشارع فيه كثيرا كما في حديث البخاري: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٨ صفر ١٤٢٧