لا مانع أن يشاهد بعض الناس أشياء من عذاب القبر
السُّؤَالُ
ـلقد سمعت الكثيرين من الناس عند دفن أموات لهم وفي قبره رأوا بعينهم الشجاع الأقرع اللهم، إني أعوذ بك من عذاب القبر.
أوقصص اخرى ما يبشر به في قبره.
هل هذا صحيح؟ أفيدوني أفادكم الله.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن عذاب القبر ثابت، جاءت بذلك آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة، وهو الذي عليه أهل السنة. وأما كيفية ذلك فغيب يجب على المسلم أن يتوقف فيه على ما صح من السنة أو جاء في القرآن الكريم.
وما جاء في الشجاع الأقرع صحت به الأحاديث، ولكنه يوم القيامة وفي مانع الزكاة، كما وردت فيه أخبار، وأنه من عذاب القبر، ولكن ذلك لم يثبت سنده.
وبإمكانك أن تطلع على مزيد من الفائدة في الفتوى رقم: ٢١٠٦.
وعذاب القبر وإن كان من الأمور الغيبية فلا مانع شرعًا ولا عقلاً أن يكشف الله تعالى عنه أو عن بعضه، لبعض عباده وخاصة الصالحين؛ فقد تناقلت كتب السير بعض الآثار عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه شاهد أشياء من عذاب القبر، كما ذكره الثعالبي وابن عبد البر في التمهيد، والزرقاني في شرح الموطأ عند شرح حديث الراكب شيطان.
قال ابن عبد البر بعد ذكر سنده إلى ابن عمر قال: خرجت مرة فمررت بقبور من قبور الجاهلية، فإذا رجل قد خرج من القبر يتأجج نارًا في عنقه سلسلة ومعي إداوة من ماء، فلما رآني قال: يا عبد الله اسقني. قال: قلت: عرفني فدعاني باسمي، أو كلمة تقولها العرب: يا عبد الله، إذ خرج على إثره رجل من القبر فقال: يا عبد الله: لا تسقه، فإنه كافر، ثم أخذ السلسلة فاجتذبه فأدخله القبر. قال: فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته، فنهى أن يسافر الرجل وحده.
قال أبو عمر: أوردنا هذا الحديث للاعتبار ولم نورده للاحتجاج؛ لأنه فيه مجهولين، وما لم يكن فيه حكم فقد تسامح الناس في روايته عن الضعفاء. ملخصًا من شرح الغزوات والزرقاني.
وعلى هذا فلا مانع من أن يشاهد بعض الناس - وخاصة أهل الصلاح والصدق - أشياء من عذاب القبر. والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢١ جمادي الأولى ١٤٢٤