شبهات بعيدة عن الحق حول يأجوج ومأجوج
السُّؤَالُ
ـالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
الرجاء الاستماع إلى هذا الخطاب إذ أنه يثبت أن فتح يأجوج ومأجوج قد تم والله أعلم. ما أريده من علمائكم هو فقط الاستماع والتعليق على هذا الخطاب وجزاكم الله خيرا
http://www.wassimfayed.com/Arabic_Yaajouj_Maajouj.mp٣
وسيم فايدـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالاستماع إلى هذا الخطاب تبين لنا عدة أمور:
١- قد أصاب المتحدث فيما ذكره عن رحلة ذي القرنين، وبنائه الردم لحجز يأجوج ومأجوج.
٢- قد أخطأ خطأ بيناً حين تحدث عن قوله تعالى: حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ الأنبياء:٩٦ .
فقد زعم أن الفتح هو النصر، وأن المراد بالآية أنه عندما تفتح بلد يأجوج ومأجوج سيأتيها الفاتحون من كل مكان، وفسر هذا بنزوح الناس وإقبالهم على بلاد أمريكا.
والشبهة التي حادت به عن الحق في هذه المسألة استشكاله لقوله تعالى: فتحت وقوله: من كل حدب ينسلون أي من كل مرتفع ومكان عال يأتون مسرعين، فاستشكل وجود هذه الأماكن المرتفعة في بلد يأجوج ومأجوج المحصورين فيه.
ولا إشكال في شيء من هذا مطلقاً، فإن الفتح هنا على معناه اللغوي، بمعنى الخرق وإحداث الفرجة، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه فتح من ردم يأجوج ومأجوج مقدار ما بين الأصبع الإبهام والتي تليها، وذلك كما في الصحيحين من حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوماً فزعاً يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها.
فقوله "فتح" هنا، ليس بمعنى "نصر"!!
فإذا جاء وعد الله تعالى، تمكن يأجوج ومأجوج من خرق الردم وفتحه فتحا يستطيعون الخروج منه إلى الناس، فإذا خرجوا، أقبلوا من كل مرتفع، مسرعين في سيرهم، فقوله تعالى: وهم من كل حدب ينسلون هذا وصف ليأجوج ومأجوج، لا وصفا لقوم يفتحون بلادهم.
والعجب حقاً أن هذا المتحدث ذكر أولاً صفة الردم، وأنه من حديد ونحاس..... ألخ، فهلا حدثنا عن تدمير هذا السد على أيدي الأوربيين، كيف دمروه؟ ولماذا لا نجد لهذا الأمر ذكراً في تاريخ هؤلاء القوم الفاتحين، مع وجود سدٍ كهذا ووجود قوم كثيري العدد خلفه، مما يستدعي الإعجاب والتعجب والاستغراب، فكيف سكت الأوربيون عن ذكر هذا؟!
وأيضاً: فإن المتحدث ذكر أن يأجوج ومأجوج يهلكهم الله بدود النغف في أقفائهم بعد دعاء عيسى عليه السلام، وهذا حق أخذه المتحدث من حديث رواه مسلم في صحيحه.
وقد فاته أن أول الحديث يبين أن يأجوج ومأجوج لا يخرجون على الناس إلا بعد نزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال!! فواعجبا من التحريف والتبديل، فما الحامل على ذلك، وما الداعي إليه؟!
وهذا نص الحديث: روى مسلم عن النواس بن سمعان في حديثه الطويل عن الدجال، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... فيطلبه حتى يدركه بباب لد، فيقتله "أي يطلب عيسى عليه السلام، الدجال، ثم يقتله" ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عباداً لي، لا يدان لأحد بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر بنبي الله عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى، كموت نفسٍ واحدة....إلى أخر الحديث.
والنغف: دود يكون في أنوف الإبل والغنم.
وفرسى: أي قتلى.
فهل نزل عيسى عليه السلام حتى يخرج يأجوج ومأجوج؟!
وهل شرب الأوربيون أو الأمريكان بحيرة طبرية؟!
وأيضاً: فهذا الردم لا يفتح عن طريق قوم من خارجه، إنما يحفره يأجوج ومأجوج أنفسهم، فقد روى الترمذي وابن ماجه وأحمد بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يأجوج ومأجوج يحفرون كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم: ارجعوا فسنحفره غداً، فيعيده الله أشد ما كان، حتى إذا بلغت مدتهم، وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم ارجعوا فسنحفره غدا إن شاء الله تعالى، واستثنوا، فيعودون إليه، وهو كهيئته يوم تركوه، فيحفرونه، ويخرجون على الناس، فَيُنشفون الماء، ويتحصن الناس منهم في حصونهم...... الحديث.
وظاهر القرآن يدل على أن يأجوج ومأجوج في بلاد المشرق لا المغرب، لقوله تعالى: حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ الكهف:٩٠ .
ثم قال: حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْن الكهف:٩٣ .
وقد أخفاهم الله تعالى وأعمى عنهم العيون حتى يحين وقت خروجهم، وهو قادر على ذلك جل وعلا.
٣- ومما أخطأ فيه خطأ بينا، بل ضل فيه ضلالاً بعيداً قوله عن الدجال: إنه التلفاز، وتأويل الأحاديث التي انتزع منها صفات الدجال وحمَّلها هذا الجهاز، فالدجال معه جنة ونار، والتلفاز: جنته الفتيات العاريات والحدائق والأفلام، ومن اتبعها دخل النار ... ألخ كلامه الساقط، الذي هو أشبه بكلام المجانين.
ولا ندري ما مستنده في قوله: إن الدجال يخرج من يأجوج ومأجوج.. فإنه لم يذكر دليلاً على ذلك، وأنى له!
وهذا المسلك المنحرف في تأويل الأحاديث سلكه قوم مثله فأنكروا نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان وأنكروا قتله للدجال.
لكن العجيب في شأن هذا المتحدث أنه يقر بنزول عيسى عليه السلام وبأنه يدعو على يأجوج ومأجوج، وقد فاته أن في هذا الحديث -وقد سقنا جزءاً منه- فيه ذكر الدجال وصفته، وأن قتله يكون على يد عيسى عليه السلام.
وانظر في صفة الدجال وشأنه، الفتاوى ذات الأرقام التالية:
٩٣٠٠
٩٧١٥
١٠٤٩١
١٦٥٣٥.
ونحن لا ننكر خطر التلفاز وشره، لكن تكذيب الأحاديث وردها بهذه التأويلات السمجة لا يقل ضرراً وخطرا عن ضرر وخطر هذا الجهاز.
وننصحك بقراءة الكتب النافعة المتعلقة بأشراط الساعة، كالنهاية في الفتن والملاحم لابن كثير، وأشراط الساعة ليوسف الوابل، والقيامة الصغرى للدكتور عمر سليمان الأشقر.
مع وجوب التحذير من سماع أشرطة هذا المتحدث، ولو ذكرت اسمه لنحذره ويحذر الناس منه كان خيراً.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٨ جمادي الأولى ١٤٢٣