يوم القيامة تظهر الحقائق وتعرف النتائج
السُّؤَالُ
ـهل يوم الحساب نعرف مصير كل واحد سواء كان صالحا أم غير صالح
ونعرف مصير من يموت مقتولا أو يموت ومعه الحقيقة ونعرف هذه الحقيقة؟
هل سوف نرى صحابة الرسول والناس الذين آمنوا به والناس الكفار الذين لم يؤمنوا به؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي يوم القيامة ترفع الأستار، وينكشف العوار وتظهر الحقيقة. فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء، فقيل: هذه غدرة فلان بن فلان. رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام النووي: قالوا: فمعنى: (لكل غادر لواء) أي علامة يشهر بها في الناس، لأن موضوع اللواء الشهرة. اهـ.
وعن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان: ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه. رواه البخاري ومسلم.
وفي سورة الصافات ذكر الله حال المؤمنين وما هم فيه من النعيم المقيم، ثم ذكر تساؤلهم: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٥٠) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ {الصافات: ٥٠-٥٥} .
وانظري مشهد المنافقين وقد انطفأ نورهم عند مرورهم على الصراط في سورة الحديد، الآيات: ١٢، ١٣، ١٤.
وانظري عدم استطاعة المشركين للسجود يوم القيامة في سورة القلم الآيتين: ٤٢، ٤٣.
وانظري تخاصم الكفار في جهنم في سورة ص: الآيات: ٦٢، ٦٣، ٦٤.
وانظري خطبة إبليس في الكفار يوم القيامة في سورة إبراهيم الآية: ٢٢، وهذا في القرآن كثير لمن تأمله.
هذا، وسوف يرى المؤمنون رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة عند الحوض، ويشرب المتمسكون بسنته من يده شربة هنيئة لا يظمؤون بعدها. ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني فرطكم على الحوض، من مر علي شرب، ومن شرب لا يظمأ أبدا. ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم فأقول: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقا سحقا لمن غير بعدي.
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: متى الساعة؟ قال: وماذا أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنت مع من أحببت. قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم أنت مع من أحببت. قال أنس: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم.
وروى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئا.
هذا، وسيكون قرب المؤمنين من نبينا صلى الله عليه وسلم بحسب أخلاقهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا. رواه الترمذي، وأصله في الصحيحين.
إلى غير ذلك من الأحاديث.
هذا، ونفيدك أن المؤمنين سيرون ربهم يوم القيامة، وانظري الفتويين: ٣١٤٩٨، ٢٤٢٦.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٥ شوال ١٤٢٥