مصير والد النبي صلى الله عليه وسلم
السُّؤَالُ
ـتثبت في الصحيحين (إن أبي وأباك في النار) هل المقصود بهذا الحديث عبد الله بن عبد المطلب؟ وما ذنبه ليكون في النار مع أنه من أهل الفترة؟ أفيدوني أفادكم الله.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث رواه مسلم وأحمد وأبو داود عن أنس رضي الله عنه ولم يروه البخاري، فنسبة السائل الحديث إلى الصحيحين خطأ، وأما بالنسبة لأبي النبي صلى الله عليه وسلم فإنه من أهل الفترة، ولأهل العلم فيهم أقوال:
١- قال بعضهم هم في النار، لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) (النساء:٤٨) .
٢- وقال آخرون: هم معذورون، لقوله تعالى: (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الاسراء:١٥) .
٣- وقال آخرون إنهم يمتحنون يوم القيامة، فإن جابوا فهم في الجنة وإن لم يجيبوا فهم في النار، لحديث الأسود بن سريع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أربعة يوم القيامة...وذكر منهم رجلاً مات في فترة فيقول: رب ما أتاني لك رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاماً" رواه أحمد. وهذا القول الأخير هو الأقرب، لأن فيه جمعاً بين الأدلة.
وأما أبو النبي صلى الله عليه وسلم فإن الحديث السابق يدل على أنه في النار مع أنه من أهل الفترة، وقد أجاب العلماء عن ذلك بأن الله علم أنه ممن لا يجيب. قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية: (وإخباره صلى الله عليه وسلم عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار لا ينافي الحديث الوارد عنه من عدة طرق متعددة أن أهل الفترة والأطفال والمجانين والصم يمتحنون في العرصات يوم القيامة، كما بسطناه سنداً ومتناً في تفسيرنا عند قوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا) الإسراء: ١٥ . فيكون منهم من يجيب ومنهم من لا يجيب، فيكون هؤلاء من جملة من لا يجيب فلا منافاة) . اهـ.
وقيل لأنه - ومن معه - بلغهم بقايا من دين إبراهيم عليه السلام فلا يعذرون وقيل المراد بالأب عمه أبو طالب والعرب تطلق الأب على العم
والله أعلم
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٠٥ رجب ١٤٢٢