الجنة دار جزاء لا دار شقاء
السُّؤَالُ
ـالأفكار تطرأ على الإنسان والعقل نعمة الله على الإنسان ويجب احترام وتقدير هذه النعمة، جعلَ اللهُ مكانة لي في هذه الأرض ولي واجبٌ ومهمة في الحياة, هذا هو المنطق الذي أفهمُه, لكن في الآخرة تُجرّد مني واجباتي ومُهماتي كذلك مكانتي، السؤال هو: ما المنطق في أن أعيش إلى الأبد, آكُل وأشرب كذلك أتنعّم بكُل ماتشتهيه نفسي، لا أحتاج للتفكير من أين آتي بالمال لاشتري طعاما أو سيارة إلخ........! أرجو منكم الجواب البليغ المتفقّه لمخاطبة نعمة الله التي أنعم علينا بها (العقل) ؟ والشكر الجزيل لكم جميعاً ووفقكم الله لما يحب ويرضى.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شكر النعم كلها عبادة تعبدنا الله بها، والعقل من أهم النعم التي منح الله عباده، إذ به يعرف العبد ربه ويتأمل في آياته المتلوة والكونية، وقد أوجب الله على العبد واجبات في الدنيا كلفه بالقيام بها، وبقدر تعبه في تحقيق عبودية الله في الطاعات التي تعبد بها يعظم أجره وتزداد وترتفع منزلته عند الله تعالى ويسعده بالحياة الطيبة.
وأما الآخرة فقد جعلها الله دار جزاء لأوليائه حيث ينعمون بإشباع رغباتهم وتكميل شهواتهم وتحقيق طموحاتهم في الجنة، فينالون ما تشتهي أنفسهم من أنواع المشتهيات، ويستريحون فيها من النصب، ويبقون فيها دائماً مخلدين، كما قال الله تعالى: لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ {الحجر:٤٨} ، فالعبد في الجنة غير مكلف بما يشق عليه ويتعبه من الأعمال، وأما مكانته فهي رفيعة عند الله تعالى فهو يسكن مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
فلا يقال إنه يجرد من مكانته، وأما إراحته من الواجبات والتكاليف فهي زيادة نعمة عليه جزاء له وتكريماً له، وهذا هدف للناس حيث يسعد العبد سعادة أبدية مع راحته من التكاليف والمشاق، وراجع في أهمية الشكر، وللمزيد عما ذكرنا الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٧٣٧٣٦، ١١٥٥٤، ٦٠٦٧٦، ٢٤٧٩١، ٧٠٣٩٩، ٥٦٨٢٧، ٦٩٢١٩.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٨ محرم ١٤٢٨