والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم
السُّؤَالُ
ـتوفي والدي منذ وقت قريب، فهل أراه في الجنة (إن شاء اله) وإذا كنا في درجات مختلفة في الجنة فهل مع ذلك يمكن اللقاء والتذكر عن عيشنا معا في هذه الدنيا؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الولد المسلم يرى والده المسلم في الجنة، ويلحق به في درجته إذا كان الابن في درجة أعلى منه، كما يلحق الوالد بالولد إذا كان الولد في درجة أعلى منه، وهذا من فضل الله على عباده. قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) الطور:٢١ .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: يخبر تعالى عن فضله وكرمه وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه، أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان يلحقهم بآبائهم في المنزلة، وإن لم يبلغوا عملهم لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذلك ...
وهم في تلك المنازل العالية والنعيم المقيم يتبادلون الحديث بينهم، ويتذكرون ما كانوا عليه في الدنيا من عناء وتعب، فيحمدون الله تعالى على هذا النعيم، كما قال الله تعالى: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ) الصافات:٥٠ .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره: يخبر تعالى عن أهل الجنة أنه أقبل بعضهم على بعض يتساءلون أي عن أحوالهم، وكيف كانوا في الدنيا؟ وماذا كانوا يعانون فيها؟ وذلك من حديثهم على شرابهم واجتماعهم في تنادمهم ومعاشرتهم في مجالسهم، وهم جلوس على السرر، والخدم بين أيديهم يسعون ويجيئون بكل خير عظيم من مآكل ومشارب وملابس وغير ذلك مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٩ رمضان ١٤٢٢