لا تعارض بين كون الحوادث بقدر الله وكونها قد تقع بتقصير العبد
السُّؤَالُ
ـأريد معرفة حكم حادث السيارة والإصابة فيه: هل هو مقدر ومكتوب في الكتاب منذ خلق وأن يتم فى الوقت الذي حدث فيه وأنه من الإيمان بالقضاء والقدر؟ أم تقصير مني وعدم الأخذ بأسباب الحيطة والحذر في القيادة؟ وهل هذا ابتلاء من الله لمعرفة صبري على المصائب؟ أم غضب من الله علي؟.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجميع ما يحصل في الكون من خير أو شر قد سبق به علم الله تعالى وجرى به القلم في اللوح المحفوظ قبل خلق الخلق، كما قال تعالى: قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَاّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا {التوبة:٥١} .
وقال سبحانه: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {التغابن:١١} .
وقال عز وجل: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:٤٩} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني.
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. رواه مسلم.
ولا تعارض بين كون الحوادث التي تصيب العبد بقضاء الله وقدره، وبين كونها قد تكون بسبب تقصيره وعدم أخذه بأسباب السلامة، فإن ذلك نفسه بقضاء الله تعالى وقدره، فالله تعالى هو الذي خلق الأشياء وأسبابها وقرن بينهما بحكمته سبحانه، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: ١٠٣٥٨٧، ٤٧٨١٨، ٨٠٧٢٥.
وأما الحكمة من وراء هذه الحوادث، فهي كسائر أنواع البلاء تارة يكون لتكفير الخطايا ومحو السيئات، وتارة يكون لرفع الدرجات وزيادة الحسنات، وتارة يقع لتمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين، وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء على بعض ذنوبه، كما سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: ٢٧٠٤٨، ورقم: ٤٤٧٧٩.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٢ ذو القعدة ١٤٣٠