ثقة العبد بمولاه ورضاه بما قضاه
السُّؤَالُ
ـلقد تقدم لي شاب على خلق ليخطبني، لكنى رفضته لأني كنت أحب شخصا آخر، وهو الدكتورالذى كان يعطيني الدواء، وهو يشتغل فى شركة الأدوية، وأخبرتة بذلك وأرسلت إليه رسائل دعوية تعينه على طاعة الله؛ لأني ملتزمة، لكني بشر وأحببته لمعاملته الطيبة معي، وكنت أريد أن أتزوجه، لكنه أخبرني أنه مسيحي، فكانت صدمة بالنسبة لي فأرسلت إليه أدعوة إلى الإسلام فرفض بشدة فقطعت علاقتي به، لكني تعبت نفسيا لأني أحببته بشدة، وفي الوقت نفسه كان الخاطب الذى تقدم لي خطب وتزوج، فتعبت نفسيتى أكثر لأنه كان يعلم بمرضي، ورغم ذلك كان موافقا، فأنا الآن نفسيتي تعبانة جدا؛ لأني خسرت هذا الخاطب وأبكى ليل نهار وأدعو الله أن يرجع لي أو يرزقني خيرا منه. فهل الزواج نصيب، وكل واحدة لا تتزوج إلا زوجها مهما فعلت أم أني حرمت منه بسبب ذنبي وهو حبي الأول؟ أم أني رفست النعمة كما يقول أهلي مع أني ألجا إلى الله في كل وقت وأتضرع إليه أن يسامحنى ويرزقنى بالزوج الصالح الذى تقر به عيني، وحاليا يرن على شاب من النت يريد أن يكلمنى وأنا أرفض لأني أريد طاعة الله وأعلم أنة حرام لكن أرجع أقول لنفسي ممكن أتعرف عليه ويتزوجني، لكني رفضت هذه الطريقة؛ لأنها غير شرعية، لكني أريد أن أتزوج، لأن سني وصل ثلاثين عاما، وقلقة جدا وكذلك مريضة، فاقول من يتقدم لي فأنا تعبانة جدا جدا جدا ولا أعرف ماذا أفعل، وأحس أني محبطة دائما، فأريحوني بالله عليكم بالاجابة الشافية، وأطلب منكم الدعاء بصدق أن يرزقني الله بالزوج الصالح الذي تقر به عيني. وجزاكم الله خيرا كثيرا؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرزقك بزوج صالح تقر به عينك، وأن يعافيك من كل مرض.
أما عن سؤالك، فاعلمي أن كلَّ مقادير الخلائق مكتوبة قبل أن يخلق الله السماوات والأرض، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. رواه مسلم في صحيحه.
والإيمان بالقدر يمنع المسلم من الحسرة والجزع على ما فاته من النتائج، لكنه يعود إلى نفسه لينظر فيما فرّط فيه من أسباب وما أخطأ فيه من أفعال، فيصحّح أخطاءه، ويجتهد فيما يقدر عليه من الأسباب، وهو يعلم أن الله يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، فعليك بالتوبة إلى الله مما سبق، والحذر من مجاراة الشاب الذي يريد محادثتك، فإن ذلك ليس هو الطريق المشروع للخطبة، وقد سبق بيان حكم ما يعرف بعلاقة الحب قبل الزواج بين الشباب والفتيات، وأن ذلك غير جائز، وانظري الفتوى رقم: ٣٠٠٠٣.
واعلمي أن الدعاء من أعظم أسباب تحقيق المطلوب إذا كان بصدق وإلحاح مع عدم تعجل النتيجة، واعلمي أن قدر الله للعبد كلّه رحمة وحكمة، وأنه تعالى أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا ومِن كلِّ مَنْ سواه، فأحسني ظنك بربك وثقي أن الله لن يضيّعك أبداَ، ما دمت راضية بقدره مستقيمة على طاعته، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:٩٠}
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٠٤ ربيع الثاني ١٤٣٠