حكم السخرية من الرسول وهل من أقر بها له توبة
السُّؤَالُ
ـيا شيخ كنت مع ٣ من أصدقائي في يوم من الأيام مجتمعين فقام أحد منهم بقول نكتة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحكنا، والآن والله ندمت كثيرا لأني ضحكت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وضميري يؤنبني في كل لحظة، كما أني قطعت الصلة مع تلك الصحبة. فهل تقبل توبتي؟ وجزاكم الله خيرا.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن السخرية برسول الله صلى الله عليه وسلم، أوالاستهزاء به كفر مخرج من الملة والعياذ بالله حتى ولو كان صاحبه مازحا، فقد قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ. {التوبة: ٦٦} .
ولا يخفى أن من استمع لمثل هذا الكلام مقرا به أنه شريك لقائله، حيث يقول سبحانه: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً. {النساء:١٤٠} . لكن من تاب توبة نصوحا فإن الله يتوب عليه، فإن التوبة تجُبُّ ما قبلها وتمحو المعاصي كلها، حتى الشرك. وقد أحسن السائل الكريم في قطع صلته بتلك الصحبة، وندمه على ما بدر منه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: النَّدَمُ تَوْبَةٌ. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: الاستهزاء بدين الله أو سب دين الله أو سب الله ورسوله أو الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة، ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه؛ لقول الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. فإذا تاب الإنسان من أي ردة توبة نصوحاً استوفت شروط التوبة فإن الله تعالى يقبل توبته. اهـ.
وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: ١١٩٩٩٥، ٧١٨٥٤، ٢٠٩٣، ١١٨٣٦١، ١٠١٣١٨.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٩ شوال ١٤٣٠