هل يكفر إذا راودته أفكار كفرية فدفعها واستغفر
السُّؤَالُ
ـنفع الله بعلمكم الإسلام والمسلمين.. سؤالي هو: أنا شاب عمري ٢٢ سنة، أصلي صلاتي (قد أكون مقصراً في الذهاب للمسجد) ، وأنا مقصر في قراءة القرآن، ومشكلتي الأساسية تكمن في أن نفسي تنتقص في الذات الإلهية أو قد يجري في نفسي شيء من السخط أو الشك في الذات الإلهية (أستغفر الله) ، وبمجرد حدوث مثل هذا الشيء أقوم بعمل التالي: أستغفر الله (عددا من المرات) ، أقول (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم) ، فهل هذا يجزئ في تكفير الذنب الذي لا يمكنني التحكم فيه، وأنا أستذكر قوله تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ، وأعلم أن العبد لو كان في قلبه مقدار ذرة من شرك لا يدخل الجنة، فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا أن ما يقع في نفسك من ذلك هو من الوساوس التي يجب دفعها والإعراض عنها، فننصحك بالاشتغال بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والحفاظ على صلاة الجماعة وكثرة الاستغفار والدعاء والاشتغال بما ينفعك في أمر دينك ودنياك لئلا تفسح المجال للشيطان.
وإذا كان ما يقع في نفسك هو مجرد أفكار كفرية تقوم بدفعها والاستغفار فليس ذلك مخرجاً من الملة ما لم يصدر من صاحبها أفعال أو أفكار كفرية، وما صدر منك من ذلك بغير قصد فإنك لا تكفر به.
فيكفي أن تقوم بدفع هذه الوساوس وتستعيذ بالله تعالى وتستغفره بأي صيغة من صيغ الاستغفار، ولا بأس بما ذكرته من هذه الصيغ في سؤالك.
وقد روى البخاري ومسلم عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: جاء نَاسٌ من أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ في أَنْفُسِنَا ما يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قال: وقد وَجَدْتُمُوهُ؟ قالوا نعم قال: ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ.
وروى أيضاً عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال: رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَزَالُ الناس يَتَسَاءَلُونَ حتى يُقَالَ هذا خَلَقَ الله الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ، فَمَنْ وَجَدَ من ذلك شيئا فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ. وفي رواية: فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: ذلك صريح الإيمان ومحض الإيمان معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان فان استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك ... وقيل معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه، وأما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء ولا يقتصر في حقه على الوسوسة بل يتلاعب به كيف أراد ... وأما قوله: فمن وجد ذلك فليقل آمنت بالله. وفى الرواية الأخرى: فليستعذ بالله ولينته فمعناه الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه. اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: ١٠٢٤٤٧، ١١١٠٨٤، ١١٦٩٤٦، ١١٧٠٠٤، ٦٢٧٦، ٣٤٢٤٢.
نسأل الله عز وجل أن يصلح لك شأنك كله.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٨ صفر ١٤٣٠