التلفظ بالكفر بين المؤاخذة والتجاوز
السُّؤَالُ
ـما حكم التلفظ بكلمة الكفر بدون قصد لمعناها كأن يقول الإنسان (قال ابن الرب) على وجه الغفلة لا على نية الاعتقاد فهو لا يقصد الاعتقاد بها ولكنه قالها ولم يأخذ باله عند قولها فهل هذا كفر؟ على الرغم من كرهه الشديد للكفر وحبه للإيمان ولكن الغفلة جعلته يقولها والإنسان أحيانا يشرد فكره فيقول كلمة وهو لا يأخذ باله بها إلا بعد الإتيان بهاـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تلفظ بكلمة الكفر دون قصد لمعناها مع اطمئنان القلب بالإيمان، فإنه غير مؤاخذ بذلك لأن من شروط المؤاخذة القصد، ففي سنن ابن ماجه بإسناد صحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
هذا فيما إذا لم يكن الدافع لذلك هو عدم المبالاة، والاستخفاف بشعائر الله تعالى.
أما من كان التلفظ بذلك عادته بسبب عدم المبالاة، والجرأة على الله تعالى، فإنه مؤاخذ به ويكون كافراً، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعالى ما يُلْقِي لَهَا بالاً يَرْفَعُ اللَّهُ تَعالى بها دَرَجاتٍ، وَإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِنْ سَخْطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقِي لَها بالاً يَهْوِي بِها في جَهَنَّمَ".
قال الحافظ في الفتح: لا يتأملها بخاطره، ولا يتفكر في عاقبتها، ولا يظن أنها تؤثر شيئاً، وهو من نحو قوله تعالى: وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ النور:١٥ .
وفي ختام هذا الجواب نقول للسائل: إن من أعظم البلاء على المرء في الدنيا لسانه، فمن وقي شره فقد وقي أعظم الشر، وإن النطق باللسان أصل في حصول كل مطلوب، فإذا لم ينطق به إلا في خير سلم، ولتجعل شعارك: قل خيراً تغنم أو اسكت تسلم.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٠ جمادي الثانية ١٤٢٣