التشاؤم بالغراب من أعمال الجاهلية
السُّؤَالُ
ـسمعت شيئا بما يعني أن النبي سليمان قال: إن البشر يتشاءمون من الغربان، ولكنه قال إن الغربان تنعق للبشر لأنها تحبهم وهي تريد تنبيههم من الأخطار، فهل هذا صحيح، لأنه كلما مر من فوقي غراب ينعق ... يحصل معي أشياء لا تصدق ويتحول يومي إلي مأساة، فهل هذا يعتبر تطيرامع ذكر أني على قناعة أن الغربان ليست هي السبب وإنما كما ذكر هي فقط تنبيه من خطر قادم، وأنها لا تملك لي ضرا ولا نفعا وإذا كان صحيحا فكيف يمكنها معرفة ذلك، هل يمكنها أن تسمع تآمر الشياطين مثلاً؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جميع الأحداث الحاصلة في الكون حصلت بقضاء الله وقدره، قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:٤٩} ، وقال تعالى: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {التغابن:١١} ، وفي الحديث: وتؤمن بالقدر خيره وشره. رواه مسلم، وفي الحديث: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس. رواه مسلم.
ثم إنا لم نجد ذكرا لهذا الخبر عن سليمان عليه السلام، وقد ثبت أن سليمان عليه السلام كان يعلم لغة الطير، كما قال تعالى: وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ {النمل:١٦} ، وذكر البغوي في التفسير عن كعب الأحبا ر: أن سليمان قال: والغراب يدعو على العشار، والحدأة تقول: كل شيء هالك إلا الله.
وقد ذكر ابن حجر في الفتح أن التشاؤم بالغراب والاستدلال بنعابه على الشر والخير من أعمال الجاهلية فأبطل الإسلام ذلك، قال: وكان أهل الجاهلية يتشاءمون به فكانوا إذا نعب مرتين قالوا آذن بشر وإذا نعب ثلاثا قالوا آذن بخير فأبطل الإسلام ذلك وكان ابن عباس إذا سمع الغراب قال: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك.
وقال بعد كلام: ووقع في فتاوى قاضي خان الحنفي: من خرج لسفر فسمع صوت العقعق فرجع كفر. انتهى، والعقعق نوع من الغربان، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية للزيادة في الموضوع: ٥٩٦٧٨، ٩٤٣٥، ٢٨٥٥، ١٤٣٢٦، ٣٣٩٤١.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٣ جمادي الأولى ١٤٢٦