وفاة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها
السُّؤَالُ
ـآسفة جداً شيخي، ولكني عندما أرسل بسؤال أود أن تعيره اهتماماً أكثر، أنا أعرف أن وقتكم ضيق ومكثف بالأسئلة أعانكم الله، ولكن شيخي سؤالي مغاير عن سؤال الأخ بارك الله فيه، فهو سأل هل ضرب سيدنا عمر أمنا فاطمة، لكن سؤالي كان عن كيفية موتها، فمن المفروض أن يكون هناك مواضيع عن حياة الصحابة وأهل البيت في موقعكم الموقر؟ وبوركتم.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائلة الكريمة على تقديرها وثقتها بالموقع والقائمين عليه، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا عند حسن ظنها.... ونؤكد لها تقديرنا لأسئلتها الشرعية، وأننا نسعد بتلقيها والإجابة على ما نستطيع الإجابة عليه منها.
وبخصوص سؤالك عن كيفية وفاة السيدة فاطمة رضي الله عنها، فإنها كانت وفاة طبيعية، فقد عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر -على الراجح- وقيل أقل من ذلك، فقد أخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أنها أول من يلحق به من أهله بعد وفاته صلوات الله وسلامه عليه، وقد روى الإمام أحمد كيفية وفاتها في حديث ضعفه أهل العلم عن أم رافع قالت: اشتكت فاطمة شكواها الذي قبضت فيه، فكنت أمرضها فأصبحت يوماً كأمثل ما رأيتها في شكواها تلك، قالت: وخرج علي لبعض حاجته، فقالت: يا أمه اسكبي غسلا فسكبت لها غسلا، فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل، ثم قالت: يا أمه أعطني ثيابي الجديدة فأعطيتها فلبستها، ثم قالت: يا أمه قدمي لي فراشي وسط البيت ففعلت واضطجعت واستقبلت القبلة وجعلت يدها تحت خدها، ثم قالت: يا أمه إني مقبوضة الآن ... وقد تطهرت فلا يكشفني أحد فقبضت مكانها، قالت: فجاء علي فأخبرته. وانظري للمزيد عن كيفية وفاة فاطمة رضي الله عنها وتجهيزها في الفتوى رقم: ١٦٢٣٩، والفتوى رقم: ٣٥٨٥٢.
وأما ما يذكر أن عمر رضي الله عنه ضربها أو آذاها فهذا محض افتراء مختلق لا يصدقه عاقل فضلاً عن مسلم، فعمر رضي الله عنه أكبر وأكرم وأعمق إيماناً من أن يؤذي أحداً أو أي شيء يحبه النبي صلى الله عليه وسلم أو له صلة به، فقد كان رضي الله عنه يتفانى في حب النبي صلى الله عليه وسلم وحب آله الكرام ويتقرب بذلك إلى الله تعالى، فقد روى الطبراني وغيره أن عمر قال للعباس: والله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان يفضل أسامة بن زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه عبد الله في العطية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب أسامة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
فقد روى البزار وغيره عن ابن عمر أن عمر فضل عليه أسامة في العطاء فسأله عبد الله عن ذلك، فقال له عمر: إنه أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك. وقد تزوج عمر أم كلثوم بنت علي من فاطمة رضي الله عنهم حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآله بيته الأطهار وطلباً للصلة بهم والقرب منهم.
فكيف يتصور عاقل أن من هذا حاله يمكن أن يؤذي أحداً من آل بيت النبوة، أحرى أن يضرب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين وبضعة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وهي التي يؤذيه ما يؤذيها، فلا يملك المسلم العاقل أمام هذا النوع من البهتان إلا أن يقول: سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم، لذلك ننصح بالبعد عن الاستماع إلى هذا النوع من الخزعبلات ... التي لا تمت للحقيقة ولا للعقل بصلة، وبخصوص اقتراح مواضيع عن حياة الصحابة وآل البيت فهو اقتراح جيد، وستجدين في أقسام الموقع عموما، وفي ركن الفتوى الكثير من سير الصحابة وآل البيت كالحسنين وغيرهما، وهنالك محور خاص بالسيرة في الموقع أيضاً.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٦ رجب ١٤٢٧