المبالغة واعتقاد أن كل ما يصيب الإنسان هو من مس الجان
السُّؤَالُ
ـعند اقتراب صلاة الصبح أحسست ببرودة في أذني وضغط، ثم ثقل رأسي حتى إنني عجزت عن تحريكه، ثم تنمل جسدي وأعرق ثم برد هذا العرق، فهل هذا تلبس للجن أم وسوسة الشيطان، علما أنني نفساء لا أصلي.
وهل من أسباب الوقاية من الجن إغلاق الحمام باستمرار؟ علما أن هذا الحمام يوجد وسط البيت ويطل على جميع غرف البيت.
وجزاكم الله خيرا.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحنُ نحذركِ، ونحذرُ عموم المسلمين من الاسترسال مع وسوسة الشيطان، وما يصوره لكثيرٍ من الناس من أنهم قد أصابهم المس لأدنى عارضٍ يصيبهم، وما ذكرته من الأمور الطبيعية التي قد تحصل لأي إنسان، ولا يليقُ بالمسلم أن يفزع إلى افتراض أن الجن قد تلبس به أو تسلط عليه كلما أحس برعشةٍ في جسده أو نحو ذلك.
ومسُ الجن للإنسِ حقٌ واقعٌ بلا شك، يشهدُ بذلك الشرع والحس، ولكن ليس معنى هذا المبالغة المفرطة التي يقعُ فيها كثيرٌ من الناس في إثبات المس حتى يُخيلُ إليهم الشيطان أن الأصل في البشر أنهم ممسوسون قد تلبس بهم الجن، فعلى جميع المسلمين أن يتقوا الله، وأن يقدروا الأمور قدرها، ويضعوها في نصابها الشرعي، ولا يفزعوا إلى القول بأن ما يصيبهم من المس الشيطاني، إلا إذا وُجدت قرائن تدل على ذلك، ثم إن وسائل الحفظ من مس الشيطان، وتلبسه كثيرة أهمها: مداومة ذكر الله عز وجل والإكثار من قراءة القرآن، والاستعاذة من الشيطان الرجيم، ومن همزه ونفثه ونفخه، وانظري الفتوى رقم ١١٣٦٢٩.
وأما ما ذكرته من أمر إغلاق باب الحمام فلا نعلم دليلاً من الشرع يدلُ على أن لترك بابه مفتوحاً أثراً في حصول المس أو العكس، وإن كان من المعلوم أن الشياطين تأوي إلى هذه الأماكن الخبيثة لكثرة ما فيها من النجاسات، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذُ عند دخول الخلاء من الخبث والخبائث كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٧ ربيع الأول ١٤٣٠