خطوات الشيطان لإغواء بني آدم
السُّؤَالُ
ـللشيطان سبع خطوات يتبعها على ابن آدم ماهي؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلاشك أن الشيطان حريص على إضلال بني آدم وإيقاعهم في المعاصي والمنكرات وصدهم عن الطريق المستقيم كما أقسم بذلك فقد حكى الله تعالى عنه قوله: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف: ١٦-١٧}
فالشيطان يستدرج الإنسان إلى ما فيه هلاكه من سخط الله تعالى وغضبه، وخطواته هي تزيين كل معصية وبدعة، وقد ذكر أهل العلم خطوات الشيطان التي يتدرج فيها لإهلاك بني آدم، وممن ذكر ذلك الإمام ابن القيم رحمه الله إذ يقول في بدائع الفوائد:
ولا يمكن حصر أجناس شره فضلا عن آحادها. إذ كل شر في العالم فهو السبب فيه. ولكن ينحصر شره في ستة أجناس لا يزال بابن آدم حتى ينال منه واحدا منها أو أكثر.
الشر الأول: شر الكفر والشرك ومعاداة الله ورسوله، فإذا ظفر بذلك من ابن آدم برد أنينه واستراح من تعبه معه وهو أول ما يريد من العبد فلا يزال به حتى يناله منه. فإذا نال ذلك صيره من جنده وعسكره واستنابه على أمثاله وأشكاله فصار من دعاة إبليس ونوابه، فإن يئس منه من ذلك وكان ممن سبق له الإسلام في بطن أمه نقله إلى المرتبة الثانية من الشر وهي: البدعة وهي أحب إليه من الفسوق والمعاصي، لأن ضررها في نفس الدين وهو ضرر متعد وهي ذنب لا يتاب منه وهي مخالفة لدعوة الرسل، ودعا إلى خلاف ما جاؤوا به وهي باب الكفر والشرك، فإذا نال منه البدعة وجعله من أهلها بقي أيضا نائبه وداعيا من دعاته، فإن أعجزه من هذه المرتبة وكان الجد ممن سبق له من الله موهبة السنة ومعاداة أهل البدع والضلال نقله إلى المرتبة الثالثة من الشر وهي: الكبائر على اختلاف أنواعها فهو أشد حرصا على أن يوقعه فيها. ولاسيما إن كان عالما متبوعا فهو حريص على ذلك لينفر الناس عنه، فإن عجز الشيطان عن هذه المرتبة نقله إلى المرتبة الرابعة وهي: الصغائر التي إذا اجتمعت فربما أهلكت صاجها؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم ومحقرات الذنوب، فإن مثل ذلك مثل قوم نزلوا بفلاة من الأرض. وذكر حديثا معناه أن كل واحد منهم جاء بعود حطب حتى أوقدوا نارا عظيمة فطبخوا واشتووا، ولا يزال يسهل عليه أمر الصغائر حتى يستهين بها فيكون صاحب الكبيرة الخائف منها أحسن حالا منه. فإن أعجزه العبد من هذه المرتبة نقله إلى المرتبة الخامسة وهي: إشغاله بالمباحات التي لا ثواب فيها ولا عقاب، بل عاقبتها فوت الثواب الذي ضاع عليه باشتغاله بها، فإن أعجزه العبد من هذه المرتبة وكان حافظا لوقته شحيحا به يعلم مقدار أنفاسه وانقطاعها وما يقابلها من النعيم والعذاب. نقله إلى المرتبة السادسة وهو أن يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه، ليزيح عنه الفضيلة ويفوته ثواب العمل الفاضل. فيأمره بفعل الخير المفضول ويحضه عليه ويحسنه له. إذا تضمن ترك ما هو أفضل وأعلى منه.
ثم قال رحمه الله: فإذا أعجزه العبد من هذه المراتب الست وأعيا عليه سلط عليه حزبه من الإنس والجن بأنواع الأذى.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٣ شعبان ١٤٢٩