مخالطة الجن للإنس أمر واقع
السُّؤَالُ
ـأود فضيلة الشيخ في السؤال عن أحوال الجن في سؤالين هما: كيف يستطيع الجن أن يعاشر الإنس وهو يعيش في عالم منفصل عن العالم الذي نعيشه، كيف يدخل الجن في الإنسان، وهو من نار والإنس من طين؟ وجزاكم الله كل خير.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الثابت أن الجن يعيشون معنا في نفس العالم، فإن كنت تعني بالمعاشرة مخالطة الجن للإنس في السكن، فإن هذا أمر واقع، فإن الجن يدخلون بيوت الإنس إن لم يذكروا الله ويتعوذوا بالأدعية المأثورة، ويأكلون طعامهم ويركبون دوابهم ويشاركونهم في الأموال والأولاد ويخالطونهم في الأسواق والتجمعات حتى في المساجد فيدخلون في فرج الصفوف.
وإن كنت تعني بالمعاشرة زواج الجن بالإنس فإن هذا من ناحية إمكان الوقوع لا مانع منه عقلا، لقدرة الجن على التشكل بشكل الإنس وقد ذكر إمكانه عقلا ابن العربي ويذكر أن أم بلقيس جنية ذكره ابن كثير وابن أبي حاتم والبغوي والصنعاني والقرطبي وابن العربي في تفاسيرهم، ولكن كثيراً من أهل العلم لا يرون جوازه، لأنه قد لا يتمكن من إذن الولي، ولأنه قد لا يتأكد من أن الجنية التي معك هي زوجتك نظرا لتشكل الجن بعدة أشكال، وكذلك ذكر بعض أهل العلم أنه لا يتزوج الجني الإنسية خشية من وقوع النساء في الفاحشة ثم يدعين زواجهن بالجن، وقد رجح الشيخ الشنقيطي في الأضواء عدم الجواز.
وأما كيف استطاعوا ذلك فإن الله خلق فيهم القدرة على هذا كما خلق في الناس القدرة على مخالطة بعضهم بعضا ودخولهم في البيوت والمتاجر والمساجد وغير ذلك.
وأما دخول الجن في الإنس فإن هذا أمر محسوس وثابت الوقوع وقد دل على وقوعه قول الله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ {البقرة:٢٧٥} ، كما يدل على إمكانيته ما في الحديث: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. رواه مسلم.
ثم إنه إذا ثبت الشيء فقد تعلم كيفيته وقد لا تعلم فإن الجن مغيبون عنا كما يدل لذلك قول الله تعالى: إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ {الأعراف:٢٧} ، فلذلك قد تخفى علينا حقائقهم وكيفيات أعمالهم ومن ذلك دخولهم في الإنس، ثم إن الله خلق فيهم القدرة على الدخول في الناس فهم يتشكلون ويتصورون بأشكال صغيرة، فيمكن أن يتكيفوا بشكل هوائي فيدخلون في بدن الإنسان من جهة فمه أو أنفه، وقد يتشكلون بشكل غير ذلك، وراجع للمزيد من الفائدة في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٤٧٥٣٤، ٤٧٣٨، ٣٣٥٢، ٢١٦٥٦، ٣٥٢٨١، ٧٦٠٧.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٠ رجب ١٤٢٥