هل الخوف من الحسد والعين يعد من الإشراك بالله
السُّؤَالُ
ـهل الخوف الشديد من الحسد والعين نوع من أنواع الشرك بالله؟ فإنني أخاف العين والحسد خوفا شديدا بالرغم من ذكري لكل الأدعية والآيات والسور الخاصة بالعين والحسد؛ لدرجة أني أشعر أن حياتي توقفت.
فهل هذا يعتبر شركا؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل الله تعالى بعلمه وحكمته للعين والحسد أثرا في حصول الضرر؛ قال صلى الله عليه وسلم: الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ. رواه مسلم.
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ في حق أبناء جعفر بن أبي طالب: مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً ـ أي نحيفة ـ تُصِيبُهُمْ الْحَاجَةُ ـ يعني المرض ـ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ الْعَيْنُ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ. قَالَ: ارْقِيهِمْ. رواه مسلم.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ؛ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
فبيَّن صلى الله عليه وسلم أن العين حق، ودلنا في الوقت نفسه على السبب الواقي منه، وهو اللجوء إلى الله بالاستعاذة والرقية الشرعية.
وكما لا ينبغي أن نتهاون في أمر العين أو الحسد كسبب لحصول الضرر، كذلك لا ينبغي الإغراق في الخوف منه مع حصول الأسباب الواقية من ضرره بفضل الله ورحمته.
والقاعدة في هذا أن الإعراض عن الأسباب، وكذلك الاعتماد عليها، كلاهما مذموم، فينبغي مراعاة أن حكمة الله تعالى في خلقه اقتضت ربط الأشياء بأسبابها، وفي الوقت نفسه لا يركن القلب إلا إلى خالق الأسباب ومسبباتها.
وقد بينا أقسام الخوف ويمكنك أن تراجع فيها فتوانا فيها فتوانا رقم: ٢٦٤٩، ومنها تبين لك أن هذا النوع من الخوف لا يعد شركا، ولكنه إذا زاد على المعتاد كان مذموما.
ونذكر السائل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: شَرُّ مَا فِي رَجُلٍ شُحٌّ هَالِعٌ، وَجُبْنٌ خَالِعٌ. رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني.
ولك أن تراجع في علاج الحسد والعين الفتويين التاليتين: ٢٤٩٧٢، ٣٢٧٣.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٨ شعبان ١٤٢٩