هدي النبي إذا رأى من نفسه أو أخيه ما يعجبه
السُّؤَالُ
ـجزاكم الله ألف خير على ما تقومون به من جهد مشكور، أود أن أسأل، إنني أحيانا عندما يحدثني أحد أنه ذاهب إلى مكان ما أحب الذهاب إليه، يحصل شيء يعكر عليه الذهاب أو تحصل له مشكلة فلا يذهب، طبعا هذا أحيانا وليس دائما، أختي تقول لي إنني أصيب بالعين، مع العلم أنني دائما أقول ما شاء الله، حتى في العمل، إذا رأيت زميلة لي سعيدة، أقول بداخلي ما شاء الله فعلا إنها سعيدة فجأة يحصل مكروه لها وتأتي في اليوم التالي معكرة المزاج، أرجو إفادتي وما العمل، علما بأنني لست سعيدة جدا في حياتي، وأنا محرومة من أشياء كثيرة ومهمة، منها عدم الإحساس بحنان الأبوين وتحملهم للمسؤولية، صديقاتي دائما تحصل لهن مواقف من أن عرسان يطلبون يدهن داخل وخارج العمل، أما أنا فلا، لذلك أعاني قليلا من النقص، ولكن الحمد لله على كل حال، يرجى إفادتي هل أنا فعلا لأنني غير راضية عن نفسي أصيب الآخرين بالعين والحسدـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالبعد عن الخوض فيما لا يعنيك، والإعراض عن اللغو، وغض البصر عما عند الناس، والاستعانة بالصلاة والدعاء لقضاء حوائجك، والرضى بما قسم الله لك؛ عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وعملا بقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {المؤمنون: ١-٣} . وعملا بقوله تعالى: وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٣١) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى {طه: ١٣١-١٣٢} . وقال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ {البقرة: ٤٥} .
وفي الحديث: اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ... رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني.
ثم إنا نوصيك أن تواظبي على الدعاء بالبركة وقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله كلما رأيت أحدا في نعمة، فإنك بذلك تسلمين إن شاء الله من الإضرار بالناس المنهي عنه في حديث: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ وابن ماجه وأحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
قال ابن القيم في الزاد: وإذا كان العائن يخشى ضرر عينه وإصابتها للمعين فليرفع شرها بقوله: اللهم بارك عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف: ألا بركت عليه. ومما يدفع إصابة العين قول ما شاء الله لا قوة إلا بالله. روى هشام بن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئا يعجبه قال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. اهـ.
وفي الحديث: إذا رأى أحدكم من نفسه أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وراجعي للمزيد من التفصيل والأدلة في الموضوع، ولمعرفة أثر الدعاء في تحقيق كل الطموحات الفتاوى التالية: ٣٣٩٣٢، ٤٨٧٣١، ٣٢٩٨١، ٢٤٣٧٣، ٢٢٧٥٤.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٢ ذو الحجة ١٤٢٥