هل يؤاخذ المسحور على مخالفاته إذا صدرت منه وهو مسلوب الإرادة
السُّؤَالُ
ـأنا والله يا شيخ مشكلتي كبيرة، فلقد ذهبت إلى أكثر من شيخ يعالجون بالرقية، وقالوا إن عندي سحرا مسلطا على تدميري، وآخر قالى لي هو نوع من سحر التخييل. المهم فقد وصلت إلى مرحلة تشبه المعتوه في كلامه وحالة كان فيها خلل في الأقوال والأفعال مثل الذي يخرف في الكلام، ففي مرة من المرات سببت وشتمت كل شيء، فقد كنت في حالة تشبه المعتوه في كلامه، اختلط علي الكلام بمعنى أنني بسبب السحر كنت مثل المدفوع الذي يخرف بالكلام ومسلوب الإردة مدفوع بالكلام، فقد أحسست والله أنني كنت مثل الواقع تحت تأثير البنج أو المخدر، وكنت بعدها في حالة من الذهول لما قلته حالة استغراب، وأحسست وأنا أسب كأنني لا أستطيع التحكم في لساني كان شيء يتحكم فيه. فما هو الحكم في حالتي هذه؟ لأني محتار وبحثت كثيرا ووجدت هناك تضارب في الآراء حول ذلك، فلقد قرأت هنا على الموقع أن المسحور إذا كان مدفوعا فإنه في حالة تساوي المكره تحت تأثير السلاح، وعلى النقيض الآخر قرأت رأي اللجنة الدائمة في أنه إذا فعل الإنسان شيئا من المعاصي أو الكلام في غير وعيه لا يحاسب عليه، وإذا كان عنده شيء من الإحساس أو الإدراك فإنه يحاسب. فأيهم الصواب في ذلك فيعلم الله أنني كنت في حالة يرثى لها؟
وما هو الحكم إذا فعل المسحور شيئا من المعاصي بسب السحر، وكان في حالة فيها خلل في الأقوال أو الأفعال هل يحاسب أيضا بسب السحر الذي أصابه وجعله مدفوعا بالكلام ومسلوب الإرادة بسب السحر؟ أريد الإجابة على سؤالي: هل في حالتي هذه التي شرحتها هل أنا على ذنب أم لا؟ أنا أعلم أن الله غفور رحيم ولكنني أريد أن أطمئن لأني مصاب بالوسواس جدا، شيء يقول لي أنت عليك ذنب ويجب أن تقتل لما قلته، فيعلم الله أنني بسب السحر الشديد والوسواس في رأسي كنت مثل المعتوه الذي يتكلم بخرف من الكلام، وكنت مثل المدفوع بالكلام ولا أستطيع التحكم في كلامي، فقد أحسست أنني مثل الواقع تحت تأثير المخدر عندي شيء من الإحساس، ولكنى لم أستطع التحكم في نفسي ومسلوب الإرادة، وكنت في حالة ذهول واستغراب، وفي حالة يغلب فيها الخلل في الأقوال والأفعال لما حدث. فما هو الحكم في حالتي هذه؟ أثابك الله وشكرا.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك مما بك، وأن يعيذك من السحرة والأشرار من شياطين الإنس والجن. واعلم أن الله بعباده رؤوف رحيم، وخبير بصير، قد جعل العقل والإرادة أساس التكليف، فإذا ما فقدا فقد التكليف، واعتبر الشخص غير مسؤول عن أقواله وأفعاله.
وروى أصحاب السنن عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. وفي سنن ابن ماجه: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. صححه الألباني.
وعلى ذلك فإذا بلغت درجة سحرك أن جعلتك مسلوب الإرادة، فإن الله سبحانه لا يحاسبك على ما بدر منك حينئذ من أقوال وأفعال. وكذلك من فقد الإحساس لا يؤاخذ بما بدر منه، بخلاف المسحور الذي لم تصل حالته إلى درجة سلب الإرادة، وبخلاف العاقل المختار الذي لم يفقد الإدراك، فهذان محاسبان على أقوالهما وأفعالهما.
وانظر لمزيد الفائدة الفتويين: ١١٤١٢٧، ١١٧١٦٨. وما أحيل عليه فيهما.
وقد لا يكون فيما نفتي به وبين ما قرأته من فتاوى اللجنة الدائمة تعارض، بحمل ما نسبته إليهم على ما إذا كان المرء مدركا مختارا لما يصدر منه.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢١ شوال ١٤٣٠