السحر.. مدى تأثيره وحقيقته
السُّؤَالُ
ـالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد: ففي بعض الأزمنة يأتي إلى الخيام نار على شكل جمرات ترقص وتدخل مع أهل الخيام أحيانا وأحيانا يأتي على شكل طيور وعندما تأتي يأمر الكبار الصغار بأن لا يكلموها ولا يتكلموا حتى تذهب، ويقولون إنها سحرة وأنهم يفعلون شيئا يسمى المص أو السل، وهو أنهم يمتصون دم الإنسان من بعيد دون أن يلمسوه، فما قولكم في ذلك، وهل هو صحيح وكيف يرد على أهله؟ وجزاكم الله خيراً.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السحر في اللغة يطلق على كل شيء خفي سببه، وفي الاصطلاح لا يمكن حده بحد جامع مانع لكثرة الأنواع المختلفة الداخلة تحته، ولا يتحقق قدر مشترك بينهما يكون جامعاً لها مانعاً لغيرها، أفاده الشنقيطي في أضواء البيان.
والسحر: علم له حقيقة وتأثير، ومنه ما هو تخييل في عين الناظر لا حقيقة له في نفس الأمر.
وقد اختلف أهل العلم في تحقيق القدر الذي يمكن أن يبلغه تأثير السحر في المسحور، والذي لا خلاف فيه أن من تأثير السحر الذي يبلغه هو التفريق بين الرجل وزوجته، والمرض الذي يصيب المسحور من السحر وما أشبه ذلك، فقد دل على هذا النوع القرآن والسنة.
ولا خلاف أنه لا يجوز ولا يمكن أن يفعل بالسحر المعجزات مثل التي كانت تأتي للأنبياء، مثل: إحياء الموتى وإنطاق العجماوات وإنزال القمل والضفادع وفلق البحر.....
واختلفوا هل يجوز أن ينقلب بالسحر إنسان إلى حيوان أو يطير الساحر في الهواء أو يمشي على الماء ... وما أشبه ذلك.
فأجاز ذلك بعض أهل العلم وجزم به الفخر الرازي في تفسيره، والشيخ سيدي عبد الله العلوي الشنقيطي في كتابه رشد الغافل.
وبناء على ما تقدم.. فإنه يمكن أن يكون ما يأتي إليكم نوع من أنواع السحر التخييلي الذي لا حقيقة له في واقع الأمر، أو من السحر الحقيقي إذا قلنا بانقلاب الساحر إلى طير أو حيوان..... كما قال الرازي والعلوي.
وأما المصّ أو السلّ فقد ذكره الشيخ العلوي في كتابه رشد الغافل وذكر علاجه.
والحاصل: أن السحر أنواع وله تأثير ربما يكون حقيقياً وربما يكون مجرد تخييل في عين الناظر، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة عن هذا الموضوع في تفسير أضواء البيان للشيخ الشنقيطي لسورة طه، وتفسير الرازي لسورة البقرة، وتفسير ابن كثير لسورة البقرة، وكتاب رشد الغافل للعلوي الشنقيطي.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٠٣ ربيع الأول ١٤٢٤