حكم إعداد رسالة لتحسين أداء المؤسسات الصناعية والخدمية لبلاد الكفر
السُّؤَالُ
ـجزاكم الله تعالى خيراً على ما تقدمونه من خير لأمة الإسلام.
اعلموا ابتداء أني أنتظر جوابكم لأنه علي أن أتخذ قرارا حاسما في أسرع وقت وأني قرأت الفتاوى الموجودة على الموقع فلم أجد ضالتي، لا أريد أن أستحلفكم بالله تعالى، ولكن سؤالي مهم وعاجل جدا وأدعو الله تعالى ألا تحيلوني على سؤال سابق.
مهندس مسلم، أعد حاليا رسالة دكتوراة في بلد أوروبي كافر جئته منذ بضع سنوات، لم يبق لإتمام الرسالة إلا بضعة أسابيع، موضوع الرسالة تطوير وسيلة لتحسين أداء ونتائج المؤسسات الصناعية والخدمية عموما، هذه الأداة المطورة يمكن استخدامها في أي مجال تقريبا، ما أهمني منذ أيام أن هذه الوسيلة ستوضع بين أيدي الكفار، الذين تنطوي صناعاتهم على كثير من المحرمات من خمر وخنزير وربا وأسلحة قد تستعمل ضد المسلمين كما حصل سابقا وأظنه يحصل الآن وغير ذلك.
الرسالة اشترك في تمويلها والإشراف عليها مع الجامعة مكتب استشاري يقدم خدمات استشارية للمصانع والشركات عامة مهما كان نوع نشاطها، هذا المكتب بدأ مثلا اتصالاته لتطبيق الوسيلة على شركة تصنيع
قطع ميكانيكية، هذه الشركة تنوي أن تدرج ضمن منتجاتها المتنوعة تصنيع نوع من القطع لتبيعها لشركة صناعية حربية، احترت هل ما أفعله حلال أم حرام موبق قد يصل إلى موالاة الكفار وإعانتهم وتقويتهم، صليت صلاة الاستخارة، انقدح في خاطري أن أدعو الله أن يريني آية ترشدني للحق الذي يجب أن أتبعه، تعطل عدد من المصابيح التي تضيء مكان عملي في البيت وعادت للعمل دون أن أصلحها بعد أن عزمت ابتداء على التوقف، كما تعطل جهاز الكمبيوتر الذي أعمل عليه فأعطاني المكتب جهازا آخر لأعمل عليه، حين قلت للمكتب إني أفكر في التخلي عن الرسالة وعدم إتمامها أجاب المسؤول بأن هذا سيكون نوعا من الخيانة للجامعة وللمكتب مقابل المال الذي دفع لي والمساعدات التي وفرت لي طيلة حوالي ثلاث سنوات وأنه قد يصعب علي تصور الخسائر التي قد يسببها هذا التوقف الأحادي الجانب لبقية الأطراف.
احترت في أمري هل توقفي الآن نوع من التنطع لأن ما أفعله عام يمكن استخدامه في الحلال والحرام ومن عدم وفاء لهؤلاء الكفار بأن لا أترك لهم ثمرة انتظروها بعد مصاريفهم مع عدم حصولي على الشهادة وتسببي في حزن والدي أم هو ورع واجب لأن كثيرا من صناعات الكفار من الحرام، هل تعطل الحاسب والمصابيح إشارة ربانية أم من تلبيس الشيطان، اللهم وفق أهل هذا الموقع لرحمة لهفة وحيرة مسلم يسأل عن أمر من أمور دينه بجواب شاف وكاف ولا تجعلهم يزيدون حيرتي وقلقي بإحالتي على سؤال سابق أو بجواب عام لا يروي الغليل، بارك الله فيكم وجعل ما تفيدون به الأمة في ميزان حسناتكم؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج عليك إن شاء الله تعالى في إتمام هذه الرسالة ولو انتفع بها هؤلاء؛ لأن موضوع الرسالة موضوع عام، فلا ينبغي استعمالها في الشر ولا في جهة تحارب المسلمين، وما كان من هذا القبيل فلا نرى مانعا من أن يفعله المسلم، وقد أجاز الشرع البيع والشراء من الكفار حتى المحاربين منهم مع ما في التجارة معهم من تقوية لهم، واستثنى من ذلك بيع السلاح وما في معناه للمحاربين منهم.
هذا، وليس من المولاة للكفار معاملتهم فيما يجوز من المعاملات المختلفة بيعاً وشراء وإجارة وتعلماً ونحو ذلك، مع اعتقاد قلب المسلم بغض الكفر وأهله، وما زال المسلمون من زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا يتعاملون مع الكفار بدون نكير.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٢ جمادي الأولى ١٤٢٦