الإحسان إلى الأقارب غير المسلمين وصلتهم دون المودة
السُّؤَالُ
ـأنا شاب عربي أصلي من فرقة إسلامية أعتبرها ضالة وهي الدروز، من الله علي بالعودة إلى القرآن وحب النبي صلى الله عليه وسلم، أنا أحب أهلي وأتصدق من فضل الله على بعض أقاربي، عندي ثلاثة أسئلة: الأول: أنا أحس أني غريب عن معظم الناس في مجتمعي وممن هم من الأرحام فهل أعتبر قاطع رحم، والسؤال الثاني: هو ما حكم توزيع الزكاة والصدقة لبعض أقاربي من الفقراء والمساكين؟ أما السؤال الثالث: ما هي نصيحتكم لي بالزواج فهل زواجي من فتاة درزية فيه شيء علي إذا لم تعش زوجتي معي كمسلمة تصلي وتصوم وتقرأ القرآن، أدعو الله أن يجزيكم خير جزاء؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحسن في البداية أن نهنئك على عودتك ورجوعك إلى الحق وإلى القرآن وحب النبي صلى الله عليه وسلم، نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك ويثبتك على طريق الحق، أما إحساسك بالغربة تجاه الناس في مجتمعك، فهذا شيء طبيعي، وعلامة على صدق إيمانك قال تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ {المجادلة:٢٢} ، وقال تعالى عن إبراهيم وأبيه: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ {التوبة:١١٤} ، وقال تعالى عن نوح وابنه: قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ {هود:٤٦} .
ولا تعتبر قاطع رحم بشعورك بالغربة عنهم، وعدم محبتك ومودتك لهم، وأما الإحسان إليهم وصلتهم وإعانة الفقراء والمساكين منهم بغير الزكاة الواجبة، فلا حرج فيه، لقوله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:٨} ، وقال تعالى في حق الوالدين الكافرين: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:١٥} .
وقال البخاري في صحيحه: باب صلة الوالد المشرك، وروى بسنده عن أسماء رضي الله عنها قالت: أتتني أمي راغبة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم أصلها؟ قال: نعم. قال ابن عيينة: فأنزل الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ. اهـ
وقال البخاري رحمه الله: باب صلة الأخ المشرك، وروى بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأى عمر حلة سيراء تباع، فقال: يا رسول الله ابتع هذه، والبسها يوم الجمعة، وإذا جاءك الوفود، قال: إنما يلبس هذه من لا خلاق له. فأتي النبي صلى الله عليه وسلم منها بحلل، فأرسل إلى عمر بحلة، فقال: كيف ألبسها؟ وقد قلت فيها ما قلت؟! قال: إني لم أعطكها لتلبسها، ولكن لتبيعها أو تكسوها. فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم.
ففرق بين البر والقسط والإحسان، وبين المحبة والمودة.
أما الزكاة الواجبة فلا تدفع لهم، وعليك أن تدعوهم إلى الحق وتدعو الله لهم بالهداية كما هداك، وتذكر قوله تعالى: كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ {النساء:٩٤} ، ولا يجوز لك الزواج من فتاة درزية، وراجع الفتوى رقم: ٢٣٥٤.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٠ شوال ١٤٢٥