تهافت زعم النصارى أن الله حل في الشجرة كما حل في عيسى عليه السلام
السُّؤَالُ
ـما هو التفسير الصحيح لقوله تعالى (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) وقوله تعالى (فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) لأن النصارى يحتجون بهذه الآية على أن الله تعالى حل في الشجرة كما حل في عيسى عليه السلام فكيف يرد عليهم؟
وشكراً.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال المفسرون في تفسير الآيات المذكورة ما يلي: فَلَمَّا أَتَاهَا أي فلما أتى موسى عليه السلام النار التي أبصرها: نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ، والأيمن قيل من اليمن والبركة، وقيل من جهة اليمين بالنسبة إلى موسى، وشاطئ الوادي: طرفه فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ من أرض الشام الموصوفة بالبركة ولنزول الوحي فيها على موسى مِنَ الشَّجَرَةِ أي من عند الشجرة أو من جهتها أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ أي الذي يخاطبك ويكلمك هو الله رب العالمين الفعال لما يشاء لا إله غيره ولا رب سواه تعالى وتقدس وتنزه عن مماثلة المخلوقات في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله سبحانه وتعالى.
قال الطبري: وتأويل الكلام: فما أتاها نادى الله تعالى موسى من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة منه من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين.
وهذه الآيات من قصة موسى عليه السلام، وقد تكررت في القرآن الكريم بألفاظ مختلفة تفننا في القصة وتجديداً لنشاط السامع، كما قال صاحب التحرير والتنوير، فقد جاءت في سورة طه، والنمل، والقصص والنازعات.
وأما ما يقوله أهل الضلال من النصارى وغيرهم من أن الله تعالى يحل في شيء من خلقه فباطل، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيراً، وليس في الآية الكريمة حجة لهم كما قال ابن الجوزي وغيره، لأن موسى عليه السلام سمع كلام الله عز وجل من ناحية الشجرة، وليس المراد أن الله تعالى يحل في الأشياء كما يقول المنحرفون.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: ٤٨٦٦٣.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٧ شعبان ١٤٢٦