سر إكثار القرآن الحديث عن بني إسرائيل
السُّؤَالُ
ـمن أكثر الأمم التي يتحدث عنها القرآن أمه بني إسرائيل فما سبب ذلك؟ وما علاقته بالدعوة إلى الإسلام في عهد النبوة وفي حاضرنا المعاصر؟ـ
الفَتْوَى
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مما يمكن تلمسه في سر إكثار القرآن الحديث عن بني إسرائيل وعلاقته بالدعوة، الإرشاد إلى اتباع أنبيائهم في الصبر على الدعوة والتعامل مع الناس، كما قال تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيه الشورى: ١٣ .
ومنها: الاتعاظ ببني إسرائيل، لأن الله فضلهم بالدين ومكّن لهم وجعل فيهم الأنبياء، وأخذ عليهم العهد بالتمسك بالدين وأخذه بقوة، فلما فرطوا في جنب الله وأساءوا في التعامل مع الله ومع الأنبياء والآمرين بالقسط من الناس، ضرب الله عليهم الذلة وجعل منهم القردة والخنازير، فعلى هذه الأمة التي جعلها الله خير أمة ورزقها وراثة النبوة أن تعلم أنها ما فضلت بسبب نسب ولا غيره، وأنها قد استخلفها الله بعد بني إسرائيل وجعلها تحت الرقابة.
قال تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ يونس:١٤ .
فإن سلكت سبيل المنعم عليهم حقق الله لها وعده، وإن سلكت طريق المغضوب عليهم والضالين فيخاف عليها أن يعاقبها الله كما عاقبهم، لأن كفارها ليسو خيرا من كفارهم.
ولعل من علاقة الحديث عنهم بالدعوة إلى الإسلام قديما وحديثا أن يعلم أن طباعهم في أغلب الأزمان واحدة، ولذلك نلاحظ أن القرآن عاب اليهود المعاصرين للرسول صلى الله عليه وسلم بمثالب أجدادهم.
فعلى هذا يجب على حملة راية الدين في هذا العصر أن يتفقهوا في القرآن والسيرة وأن يتعرفوا من خلال حديث القرآن عنهم على سماتهم وأخلاقهم، وأن يتعاملوا معهم ومع جميع الطوئف بمثل ما تعامل به الرسول صلى الله عليه وسلم معهم سابقا اتباعا لهذا الوحي الذي أنزل عليه، وأمر هو وأمرنا نحن تبعا له بالعمل به.
فقد قال عمر رضي الله عنه في خطبة خطب بها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري فإن يك محمد صلى الله عليه وسلم قد مات فإن الله تعالى قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به بما هدى الله محمدا صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية للبخاري: وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسولكم فخذوا به تهتدوا كما هدى الله رسوله.
وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: ١٥٠٩٦ - ٢١١٠٤ - ٢٨٨٢٥.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٠٤ رجب ١٤٢٤