السبيل الأقوم لمعرفة انحرافات كافة الملل المخالفة
السُّؤَالُ
ـأنا شخص عربي تركت الإسلام واعتنقت البوذية، وأمارسها في بلد أغلبيته الساحقة بوذيون-اليابان- فما هي الطرق التي يجب أن أسلكها حتى لا أعد كافرا حربيا؟ وهل ممارستي للطقوس البوذية يعد حربا على الإسلام لأن الزوار هم من مختلف الديانات والأعراق ومنهم المسلمون؟ وملامحي واضح أنها عربية، ولازال حديث المرأة المقتولة التي عندما علم محمد صلى الله عليه وسلم أنها مرتدة قال: أشهد أن دمها هدر موجودا ومتداولا. فماذا أفعل؟ مع كامل الحب والود.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دين المرء هو أغلى وأعلى ما عنده، والوصول للحق في مسألة الديانة هو أهم ما يتطلع إليه العاقل، وينبغي أن يكون عنده من الدلائل والبراهين على صحة اعتقاده وسلامة دينه ما يكون حجة له عند ربه، والذي يغلب على الظن أن السائل ما ترك الإسلام واعتنق البوذية إلا لجهله بالإسلام، وانبهاره وتأثره بمن يعيش وسطهم، ولذلك نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مصاحبة غير المؤمنين ومخالطة غير المتقين، فقال صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواهما أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنهما الألباني.
ولذلك فقبل أن نجيب السائل عما سأل ننصحه بإعادة التعرف على الإسلام الذي هو الدين الحق القائم على التوحيد الخالص وإسلام الوجه للخالق سبحانه وتعالى، وأقرب وأوضح سبيل لذلك قراءة تفسير القرآن الكريم الذي هو رسالة الإسلام، فإذا قمت بهذه القراءة بجد وإخلاص وإنصاف وإيثار للحق، فسوف تعلم أن الدين الحق إنما هو الإسلام، وأن البوذية ما هي إلا خرافة من وضع البشر قد جمعت بين طياتها كثيرا من التناقضات. ولسنا مهتمين بتعريف السائل خرافات البوذية بقدر ما نهتم بتعريفه بالإسلام، فهذا هو السبيل الأقوم لمعرفة انحرافات كافة الملل المخالفة، وينبغي أن يُعلم أن الأمر ليس بالهين فإنه يتعلق بالسعادة أو الشقاء الأبدي، يتعلق برضا الخالق الكريم أو سخطه، يتعلق بنعيم الجنة أو بجحيم النار في خلود دائم.
والله نسأل أن يشرح صدرك للحق الذي يرضيه، وأن يهديك إلى الصواب، وأن يوفقك لما يحب ويرضى.
وقد سبق لنا في كثير من الفتاوى بيان الدلائل والبراهين على صحة دين الإسلام وحفظ القرآن، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: ٢٠٩٨٤، ٤٨٩١٣، ٨١٨٧، ١٩٦٩٤.
وأما ما سألت عنه من الطرق التي يجب أن تسلكها كي لا تعد كافرا حربيا، فهذا لا سبيل إليه، لأنك تركت الإسلام الذي هو الحق واعتنقت الباطل الذي هو البوذية، فكان حدك عند الله إن لم تتب وترجع إلى الإسلام أن تقتل، جزاء وفاقا، فالردة عن الإسلام أغلظ من الكفر الأصلي، ولذا اتفق الفقهاء على قتل المرتد وعدم إقراره على كفره، ولو بذل الجزية وأعلن خضوعه لسلطان المسلمين، ولا خلاص له من القتل إلا بالرجوع إلى الإسلام، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: ٤٠١١٣.
وليعلم السائل أن مجرد الردة عن الإسلام تعتبر معاداة له حتى ولو لم يحارب المسلمين أو يدعو إلى ذلك، إلا أن الذي يدعو لمحاربة الإسلام أشد إثما وأولى بالقتل، وقد سبق التنبيه على ذلك وبيان علة إقامة الحد على المرتد في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: ٣٤٧٦١، ١٧٣٣٨، ١٣٩٨٧، ٣٩٢٣٧.
كما سبق لنا بيان نبذة عن مؤسس البوذية ومبادئها في الفتويين: ٣٤٥٧٩، ٦٨٢.
هذا وننبه إلى أن الحدود لا يقيمها إلا السلطان أو نائبه، فلا يحق لأي فرد من أفراد المجتمع المسلم أن يقيم حدا كائنا من كان.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٣ جمادي الثانية ١٤٣٠