المعتزلة..ماهيتهم..عقائدهم..المعتزلة الجدد
السُّؤَالُ
ـبسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
السؤال: ما الفرق بين كل من أهل السنة, والمرجئة, والمعتزلة, والأشاعرة, الماتريدية؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الفرق بين أهل السنة وبين الأشاعرة والماتريدية في الفتوى رقم:
١٠٤٠٠ ١٦٥٤٢ ١٠٣٤٦
وأما الفرق بينهم وبين المعتزلة فيتضح ذلك ببيان عقيدة المعتزلة، وهذه نبذه مختصرة عنهم وعن عقيدتهم، ومن أراد التوسع فليراجع كتب العقائد كشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز وكتب شيخ الإسلام كالعقيدة التدمرية، ودرء تعارض العقل والنقل.. وسموا المعتزلة لأن واصل بن عطاء اعتزل مجلس الحسن البصري وقدر أن مرتكب الكبيرة كالزنا وشرب الخمر لا مؤمن ولا كافر في الدنيا بل هو في منزلة بين المنزلتين كالمسافر بين بلدين لاينسب لإحداهما. وأما في الآخرة فهو مخلد في النار إن لم يتب. وقيل سموا بذلك لأنهم أوجبوا اعتزال مرتكب الكبيرة ومقاطعته.
ثم حرروا مذهبهم في خمسة أصول وهي:
الأول التوحيد: ويقصدون به نفي صفات الله، وقالوا: إن الصفات ليست شيئاً غير الذات وإلا تعدد القدماء في نظرهم، ولذلك نفوا رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وقالوا بخلق القرآن إلى غير ذلك من الضلال.
الثاني العدل: ويقصدون به أن الله لايخلق أفعال العباد ولايريد الفساد بل العباد هم الذين يفعلونها بالقدرة التي جعلها الله فيهم، وأنه لا يأمر إلا بما يريد ولا ينهى إلا عما يكره، ولم يهتدوا إلى التفريق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية، ولوا اهتدوا إلى ذلك لعلموا أن الله يريد الكفر والفساد بالإرادة الكونية لحكمة يعلمها سبحانه، ولا يريدها بالإرادة الشرعية. وبين الإرادتين فوارق من أهمها أن الإرادة الكونية لا تلازمها المحبة، وأما الإرادة الشرعية فإنها تلازمها المحبة. فلا يريد الله شيئاً إرادة شرعية إلا وهو يحبه سبحانه.
الثالث الوعد والوعيد: ويقصدون به أن الله يجازي المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته ولايغفر لمرتكب الكبيرة، فعدله يقتضي ذلك وهو أنه لا يغفر له، ومن ثم أنكروا الشفاعة لأهل الكبائر.
الرابع المنزلة بين المنزلتين: في حق مرتكب الكبيرة. وقد سبق بيان هذا.
الخامس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ويقصدون به وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن هذا الأصل قالوا بوجوب الخروج على الحاكم إذا خالف وانحرف عن الحق؛ ولو لم يكن ما ارتكبه كفراً بواحاً. ومن مبادئ المعتزلة الاعتماد على العقل كلياً وتقديمه على النقل في مسائل العقائد وغيرها. والقول بأن النقل الصحيح يعارض العقل الصريح دعوى مفتعلة منقوضة من أساسها، بل الشرع والعقل يتوافقان ولله الحمد والمنة، وعند توهم التعارض يقدم النقل لأنه عن المعصوم.
وللأسف الشديد يحاول بعض الكتاب والمفكرين إحياء الاعتزال من جديد بعد أن عفى عليه الزمن أو كاد، فألبسوه ثوباً جديداً وأطلقوا عليه أسماء جديدة مثل: العقلانية، والتنوير، والتجديد، والتحرر الفكري، والمعاصرة، والتيار الديني المستنير ونحو ذلك. ولكن تصدى لهم أهل السنة والجماعة وفضحوهم وبينوا عوارهم ولله الحمد والمنة. كما تصدى أهل الحق لأسلافهم من قبل.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٦ ذو الحجة ١٤٢٤