أسماء الله تبارك وتعالى عند الجهمية
السُّؤَالُ
ـسمعت أن الجهمية ينفون عن الله عزوجل الاسم والصفة معا لعدم المشابهة بين الله وعباده ولمنع تعدد القدماء، والسؤال هو: بم ينادون الله عزوجل؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأسماء الله تبارك وتعالى عند الجهمية ومن وافقهم أعلام محضة لا تدل على صفات قائمة بالرب تبارك وتعالى، فيقولون عن الله: عالم بلا علم، سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، قادر بلا قدرة، حي بلا حياة، تعالى الله عن ذلك والحكمة من استحباب كون الثوب أبيضوالحكمة من استحباب كون الثوب أبيض علوا كبيرا، وبهذا يتبين لك أنهم يدعون الله بأسمائه، ولكن يعتقدون بأنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني.
ومن الطرائف ما حكاه الألوسي في كتابه: جلاء العينين في محاكمة الأحمدين، عن بعضهم من أن جهم بن صفوان الترمذي كان يدعو الناس إلى مذهبه الباطل، وهو أن الله تعالى عالم لا علم له، قادر لا قدرة له، وكذا في سائر الصفات، وكان جلس يوما يدعو الناس لمذهبه وحوله أقوام كثيرة، فجاء أعرابي ووقف حتى سمع مقالته، فأرشده الله تعالى إلى بطلان هذا المذهب فأنشد يقول:
ألا إن جهما كافر بان كفره ومن قال يوما قول جهم فقد كفر
لقد جن جهم إذ يسمي إلهه سميعا بلا سمع بصيرا بلا بصر
عليما بلا علم رضيا بلا رضا لطيفا بلا لطف خبيرا بلا خبر
أيرضيك أن لو قال يا جهم قائل أبوك امرؤ حر خطير بلا خطر
مليح بلا ملح بهي بلا بهى طويل بلا طول يخلفه القصر
حليم بلا حلم وفي بلا وفا فبالعقل موصوف وبالجهل مشتهر
جواد بلا جود قوي بلا قوى كبير بلا كبر صغير بلا صغر
أمدحا تراه أم هجاء وسبة وهزءا كفاك الله يا أحمق البشر
فإنك شيطان بعثت لأمة تصيرهم عما قريب إلى سقر
فألهم الله هذا الأعرابي الذي على فطرته حقيقة مذهب أهل السنة، ورجع كثير من الناس ببركة أبياته، وكان عبد الله بن المبارك يقول: إن الله تعالى بعث الأعرابي رحمة لأولئك.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٤ ربيع الأول ١٤٢٧