هل يتبع أباه إذا أمره بالانخراط في الطريقة البرهانية
السُّؤَالُ
ـلي سؤال أعزكم الله: لي صديق أبوه شيخ طريقة أو نحو ذلك من الطرق الصوفية المنتشرة عندنا بمصر ألا وهي طريقة تسمى البرهانية مشكلة صديقي بأن ما بداخله من فطرة سليمة ترفض ما يحدث من مخالفات بالطريقة وهي بعض الأوراد والكلمات المبهمة والغير معروفة نصيا مثل (بها بها بها بها بهيات) وكذا وكذا والتمايل والطبل والزمر والتي لم يأمرنا بها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا فعلها أحد من الصحابة وعندما اعتزلهم لفترة ورفض أن يدخل بهذه الطريقة وأخذ يتعلل بأنه متعب ونحو ذلك لكي يبتعد عنهم لاحظ أبوه ذلك ونهره وقال له أنت تريد اتباع الملتحين والسنية هؤلاء إرهابيون وأخذ يقنع ابنه بأنهم لا يفعلون ما يغضب الله مثل المقاهي وشاربي الخمور وأنهم يفعلون الصحيح حبا في سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم هم ما يفعلونه صح وما زال هذا الشاب بداخله غير مقتنع ولكن يخاف من أن يكون عاقا لأبيه برفضه بالدخول معهم بهذه الطريقة وأن يقوم بطرده من المنزل ويحرمه من الميراث وللعلم جميع ما يشقى ويكد من رزق لهذا الشاب يذهب بالصرف على مثل هذه الحضرات أو حلقات الذكر كما يدعون أستحلفكم بالله بأن تريحوا قلب هذا الشاب هل يستمر معهم أو ينصرف ويعق أباه أفيدونا بشرح بسيط دون أن تحولونا لسؤال آخر أفادكم الله؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الابن أن يسعى في رضى والديه والاستجابة لما يطلبانه منه مما هو مباح وليس عليه فيه مشقة يصعب تحملها، فقد أمر الله تعالى بطاعتهما والإحسان إليهما وربط رضاه برضاهما فقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: ٣٦} وفي الحديث: رضى الرب من رضى الوالدين، وسخط الرب من سخط الوالدين. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وعليه أن يحاورهما برفق فيما يريد إقناعهما به، وأن يبتعد عن الشجار المؤدي لرفع الصوت عليهما أو الإخلال بالأدب فقد قال الله تعالى في شأنهما: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الاسراء: ٢٣ ـ ٢٤} وننصح هذا الأخ أن لا يقدم على نقاشهم إذا لم يكن له زاد علمي يكفي لإقناعهم مخافة الوقوع في الحرج، وأطلعوا على حالهم بعض الدعاة المتمكنين لينظم لهم زيارة يناقشهم فيها ويزيل شبهاتهم، فإذا لم يفد نصحهم فعليه إنكار ما يشاهده ويسمعه من منكر بحسب الاستطاعة، كإنكاره بالقلب في حالة العجز عن غيره امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
وإذا أمكن البعد عن مجالستهم وقت قيامهم بأعمالهم فليفعل امتثالا لقوله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {الأنعام: ٦٨} واعلم وفقك الله أنه لا يجوز أن يطاع مخلوق في معصية الخالق ولو كان أبا أو أما فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين قوله: إنما الطاعة في المعروف. وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة. وفي مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل. قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وليعلم أن ميزان الحق في كل أمر هو موافقة السنة فالحمد لله الذي لم يجعل الحجة في أقوال الرجال، وإنما في الكتاب والسنة وقد قال علي بن أبي طالب: الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله. وراجع الفتوى رقم: ٣١٨٧١.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٠١ ذو القعدة ١٤٢٧