هل صافح الرفاعي رسول الله صلى الله عيه وسلم
السُّؤَالُ
ـبسم الله الرحمن الرحيم أما بعد
قال الإمام في خطبة الجمعة إن سيدي أحمد الرفاعي وهو أحد الأولياء اشتد به الشوق للرسول صلى الله عليه وسلم فسافر إلى المدينة المنورة ولما دخل إلى الروضة الشريفة خاطب الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا السلام عليك يَا جَدِّي فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم السلام عليك يا ولدي ومدَّ سيدي أحمد الرفاعي يده نحو القبر فخرجت يد الرسول وصافحت سيدي أحمد الرفاعي والناس ترى. وإن هذه الكرامة شاهدها جمعُ غفير من العلماء وأشار لها ابن كثير والنووي انتهى
ذات الإمام قال في أكثر من مناسبة إن الصلاة على النبي خير من قِراءة القرآن إلا سورة الكهف.
ويردد في دعائه دائما اللهم صل على النبي صلاة تُنجنا بها من عذاب القبر وتسكننا بها الجنان.
هذا بعض ما يردده صاحبنا في كل مناسبة وقد أحدثت خُطبه ودروسه بلبلةً لدى عامة المصلين أشيروا علينا وبارك اللهُ فيكمـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذا الإمام من المنتسبين إلى بعض الطرق الصوفية المنحرفة، وقد بينا مخاطرها وحكم الانتماء إليها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٤٧٠٦٤، ٥٣٥٢٣، ٣٩٢٠٧، ٨٥٠٠.
أما حكاية مصافحة الرفاعي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهي من الأكاذيب والأباطيل التي يخدعون بها العامة لاسيما القصص التي ألفها أتباع الطريقة الأحمدية على شيخهم أحمد الرفاعي. قال ابن تيمية: فإن فيهم من الغلو والشرك والمروق عن الشريعة ما شاركوا فيه الرافضة في بعض صفاتهم، وفيهم من الكذب ما قد يقاربون به الرافضة في ذلك أو يساوونهم أو يزيدون عليهم، فإنهم من أكذب الطوائف حتى قيل فيهم: لا تقولوا أكذب من اليهود على الله ولكن قولوا أكذب من الأحمدية على شيخهم. اهـ.
وقد ترجم ابن كثير للرفاعي في البداية والنهاية ولم يذكر هذه الحكاية، وكذلك النووي لم يذكرها فيما وقفنا عليه من كتبه.
وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة أو كلامه فضلا عن مصافحته بعد موته صلى الله عليه وسلم فغير ممكنة، وراجع الفتويين: ٥٥٥٢٩، ٤٤٢١.
أما تفضيلهم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة القرآن فالصحيح أن جنس القراءة أفضل من جنس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ {الزمر: ٢٣} . وقول النبي صلى الله عليه وسلم: أحسن الحديث كتاب الله. ولكن فعل ما هو أنفع لقلب العبد هو الأفضل والمشروع وهذا يتنوع بتنوع أحوال الناس. قال ابن تيمية: وقد تقدم أن الأفضل يتنوع تارة بحسب أجناس العبادات، كما أن جنس الصلاة أفضل من جنس القراءة، وجنس القراءة أفضل من جنس الذكر، وجنس الذكر أفضل من جنس الدعاء، وتارة يختلف باختلاف الأوقات.. وتارة يختلف باختلاف عمل الإنسان الظاهر، كما أن الذكر والدعاء في الركوع والسجود هو المشروع دون القراءة، وكذلك الذكر والدعاء في الطواف مشروع بالاتفاق. أما القراءة في الطواف ففيها نزاع معروف ... وتارة يختلف باختلاف قدرة العبد وعجزه فما يقدر عليه من العبادات أفضل في حقه مما يعجز عنه وإن كان جنس المعجوز عنه أفضل وهذا باب يغلو فيه كثير من الناس ويتبعون أهواءهم.. وبهذا يتبين لك أن من الناس من يكون تطوعه بالعلم أفضل له، ومنهم من يكون تطوعه بالجهاد أفضل، ومنهم من يكون تطوعه بالعبادات الدينية كالصلاة والصيام أفضل له، والأفضل المطلق ما كان أشبه بحال النبي صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا. اهـ
أما صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم المذكورة في السؤال فلا شيء فيها وإن كان الأفضل الاقتصار على الصيغ الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سبق في الفتويين: ٥٠٢٥، ٤٨٦٣.
ولمعرفة حكم الصلاة خلف هؤلاء راجع الفتويين: ٥٣٣٩٤، ٦٧٤٢.
واعلم أنه يجب عليكم اعتزال ذلك الإمام وعدم مشاركته فيما يدعو إليه ويمارسه من بدع، كما يجب عليكم دعوته إلى طريق أهل السنة والموعظة الحسنة وأن تبينوا له ما هو عليه من بدعة وضلال ومباينة للشريعة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٢٠٤٨٢، ١٩٩٩٨، ٤٨٩٦٨، ٥٧٧٣٤
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٠٥ محرم ١٤٢٦