هل نكفر قاتل عثمان وعليا والحسين رضي الله عنهم
السُّؤَالُ
ـهل نقطع بكفر من قتل عثمان وعليا والحسين رضي الله عنهم أجمعين، أم نتوقف ونقول: ارتكبوا كبيرة فأمرهم إلى الله؟ـ
الفَتْوَى
خلاصة الفتوى:
قتل الصحابة المذكورين- رضوان الله عليهم- جريمة عظيمة، ولكن لايمكن الحكم على فاعلها بالكفر البواح، وما جرى بين الصحابة ينبغي الكف عنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يمكن القطع بكفر من قتل الصحابة المذكورين- رضوان الله عليهم-؛ لأن بعضهم كان من بغاة المسلمين، وقد عرف أهل العلم البغاة بأنهم: قوم مسلمون خارجون عن طاعة الإمام العدل ولو جائرا بامتناعهم من أداء حق توجه عليهم بتأويل فاسد لا يقطع بفساده، بل يعتقدون به جواز الخروج..
وبعضهم قتل في الفتنة التي جرت بين المسلمين، وعلى ذلك فلا يمكن الحكم على هؤلاء بالكفر بل هم بغاة وعصاة..
وقد أشار النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى هذه الفتن التي ستقع بين المسلمين في عدة أحاديث يصفهم فيها جميعا بالمسلمين؛ فمن ذلك ما جاء في صحيح البخاري وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال عن الحسن – رضي الله عنه-: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف على أنهم مؤمنون مسلمون وأن علي بن أبى طالب والذين معه كانوا أولى بالحق من الطائفة المقاتلة له والله أعلم.
ثم إن على المسلم أن ينشعل بما ينفعه في دينه ودنياه ولا يضيع وقته في أمور تاريخية.. لافائدة من تردادها الآن ...
وعليه أن يحترم أصحاب رسول الله- صلى الله عليه- ويلتمس لهم أحسن المخارج ويكف عما جرى بينهم مما يترتب عليه حكم ولا ينبني عليه عمل.. وقد كان السلف الصالح من هذه الأمة يكرهون الخوض في هذه الأمور حتى قال بعضهم: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ.
وقال بعضهم: تلك دماء طهر الله منها سيوفنا فلنطهر منها ألسنتنا، وانظر الفتويين: ٣٦٢٢٧، ١٠٢٧١٧.
ومع الأ سف؛ فإن كثيرا من شباب المسلمين اليوم لا يعرفون من تاريخ الإسلام المشرق إلا ما يثيره أعداء الإسلام من الشرق والغرب وأهل البدع والأهواء.. من التشويه لهذا التاريخ العظيم وإبداء الفتن وطمس ما سواها..
ولذلك فإن على المسلم أن يحذر من مكر هؤلاء ولا يضيع وقته في ما لا طائل من ورائه.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٤ شعبان ١٤٢٩