قيام الليل أفضل أم حفظ القرآن
السُّؤَالُ
ـهل قيام الليل أفضل أم حفظ القرآن، وذلك أني قبل النوم أصلي عددا من الركعات وأنا ممسك بالقرآن وأقرأ منه، فهل أترك صلاة القيام وأتفرغ لحفظ القرآن، وما فضائل حفظ القرآن، ادع لي بالهداية والصلاح وأن يقضي الله حوائجي بالدنيا والآخرة؟ بارك الله بكم وجزاكم خيراً.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ينبغي للمسلم هو أن يوازن بين أعمال الخير ويأخذ من كل منها بنصيب، ويضربُ في كل واد منها بسهم، فعليك أخانا الفاضل أن تجعل نصيباً من وقتك لقيام الليل ونصيباً لحفظ القرآن، وأن تعلم أنه لا تعارض بين الأمرين فإن قيام الليل يعين على حفظ القرآن وتثبيته في القلب وبخاصة إذا كنت تقوم بمحفوظك منه، ومع قليل من تنظيم الوقت يسهل ضبط هذه الوظائف والإتيان بما أمكن منها فتبدأ بحفظ شيء من القرآن فإذا أحسست بالكلل وفتور الذهن فإنك تقوم مصلياً مجتهداً في مناجاة ربك داعياً له أن يعينك على الحفظ، ولك مع الحفظ وظيفة مهمة هي مراجعة المحفوظ فإنك إن تركت المراجعة تفلت القرآن من صدرك فيمكنك أن تجعل وظيفة مراجعة المحفوظ في أثناء القيام لتفوز بالخيرين.
واعلم أن شرف القرآن عظيم ومنزلة حافظه لا تكاد تعدلها منزلة، ففي البخاري من حديث عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه -وهو موجب لحصول الحسد المحمود- فإن حافظ القرآن أحد اثنين لا يُحسد غيرهما، قال صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، وجل آتاه الله مالاً، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار. متفق عليه.
وحفظ القرآن يوجب رفعة صاحبه في الدنيا والآخرة، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين. رواه مسلم.
والقرآن يشفع لحامله يوم القيامة، فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اقرؤا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. رواه مسلم.
وفضائل حفظ القرآن كثيرة أطال المصنفون في الترغيب والفضائل في تعدادها، وفيما ذكرنا مقنع لمن كانت له همة عالية تنبعث على تحصيل هذا المقصد النبيل، وفقنا الله وإياك لما فيه الخير.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٦ محرم ١٤٣٠