المدارس التنصيرية (التبشيرية) ... أهدافها ... وأخطارها.
السُّؤَالُ
ـما حكم الشرع في إدخال الأبناء في مدارس مسيحية في دولة الإمارات علما أنها ليست تبشيرية وتدرس فيها التربية الإسلامية ويقرأ فيها القراّن كل صباح إجباريا. ًـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشك عاقل أن الناشئ يتأثر بالمدرسة التي يتلقى فيها تعليمه النظامي تأثراً بالغاً، حتى إن ما يغرسه التعليم في الطفل من قيم وأخلاق (سلبية أو إيجابية) لينازع ما يغرسه أبواه، بل إنه يتفوق عليه في كثير من الأحيان.
ولا تكاد المدارس النظامية -القائمة على مناهج غير إسلامية- تخلو من خلل وقصور في مفهوم القيم والأخلاق وتعاليم الدين، فكيف بمدارس تقوم صراحة على تعليم النصرانية.
تقول د: سهير أحمد السكري إخصائية اللغويات في جامعة جورج تاون: قد آمن المستعمرون الإنجليز والفرنسيون بأن المعركة مع المسلمين يجب أن تبدأ من الفصل الدراسي - من المدرسة- بتدمير التعليم الديني، كما تكون بنشر المدارس الأجنبية المنافسة في كل البلاد العربية، ومحاربة اللغة العربية، وبالإنفاق ببذخ على تعليم اللغات الأجنبية وربطها بالتقدم والتكنولوجيا، والعلوم العصرية، وفرص الثراء والمرتبات الأكبر. أهـ.
ومع اتجاه أغلب الناس إلى التعليم النظامي استغل أعداء الإسلام - من المحتلين- هذا التعليم لغزو المسلمين فكرياً فعددوا نظم التعليم وأساليبه بما يخدم أهدافهم، فهذا تعليم علماني، وهذا تعليم أجنبي، وغير ذلك مما تعددت مسمياته، واتحدت أهدافه.
ولقد كانت قوة المسلم الفاتح تكمن في أسلوب تعليمه، فقد ذكر كاتب إنجليزي يدعى: E.H.JANSER في كتابه الإسلام المقاتل: إن إنجلترا وفرنسا قد أجرتا بحوثاً عن أسباب قوة وصلابة الإنسان العربي (المسلم) ، وتمكنه من فتح البلاد المحيطة به من الهند إلى تخوم الصين، فوجدت أن السر في ذلك كان طريقه تعليم الطفل العربي، وكيف أنه بدأ قبل الخامسة بحفظ القرآن وختمه ...
والمدارس التنصيرية (المسيحية) تقوم أساساً على منهج تنصيري، ولو عمّت على المسلمين أنها لا تقوم بتلك المهمة، وهي تستخدم في أسلوب تعميتها على السذج من المسلمين إذاعتها للقرآن صباحاً، وتدريسها لأطفال المسلمين التربية الإسلامية، ولكنها في الوقت ذاته تنسف كل القيم والمبادئ بمقرراتها، ومدرسيها المختارين بعناية فائقة ليقوموا بالمهمة المطلوبة.
فالطالب يتأثر بمدرسه تقليداً ومحاكاة، فيصطبغ بكل ما يقوله له، وقد أنشأ المستعمرون مدراس أجنبية (مسيحية) دخل فيها أولاد الطبقات الحاكمة، حتى يقوموا بالدور ذاته الذي يقوم به المستعمر، لعلمهم بأن مقامهم في تلك البلاد لابد أن تكون لها نهاية، فكان لهم ما أرادوا حيث جاء من يحمل اللواء نفسه، ويفكر بالعقلية ذاتها، بل إن دور هؤلاء مؤثر أكثر من تأثير من يوجهونهم، فهم يتكلمون بلسان قومهم ويفكرون بعقلية من علمهم.
يقول المستشرق شانلي: إن أردتم أن تغزوا الإسلام وتخضعوا شوكته، وتقضوا على هذه العقيدة التي قضت على كل العقائد السابقة واللاحقة، فعليكم أن توجهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم والأمة المسلمة، بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم المعنوي وكتابهم القرآن. الاتجاهات الفكرية المعاصرة: ١٢.
فالمدارس المسيحية (الأجنبية) أسلوب من أساليب الغزو الفكري المعاصر، حيث تعمل على تغيير القيم والمفاهيم لدى منتسبيها، فيصير من تخرج منها ذنباً لهم لا يرى إلا بعيونهم، ولا يفكر إلا بعقلهم.
فطالبة في إحدى تلك المدارس تسأل إحدى الداعيات: هل أستطيع أن أصلي باللغة الإنجليزية؟!! وما السر في ذلك؟ السر في ذلك أنها تحسن اللغة الإنجليزية أكثر من العربية، فأي تغريب، وأي غزو هذا؟
إن المسلم يجب أن يكون غيوراً على دينه وقيمه، ويجب أن ينتبه لهذا الخطر العظيم والشر المستطير، وأن يعلم أن الله وهب له الأولاد، واسترعاه عليهم، وسيسأله عما استرعاه، فعليه أن يعد الجواب من الآن. والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٦ صفر ١٤٢٢