من أحكام الوقف على البسملة في بعض السور
السُّؤَالُ
ـالقراء في بلادنا يقفون على البسملة في أربعة مواضع في كتاب الله سورة القيامة وسورة المطففين والبلد والهمزة، فما حكم هذا الوقف أرجو توضيحا حول هذه المسألة جزاكم الله خيرا.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن البسملة روي عن الأئمة القراء أوجه فيها، فروي عن بعضهم الإتيان بها بين كل سورتين ماعدا الأنفال والتوبة، كما روي عن عاصم وابن كثير والكسائي وقالون عن نافع.
وروي عن بعضهم تركها، كما روي عن حمزة.
وروي عن بعضهم التخيير بين الإتيان بها وبين تركها، وهو رواية ورش عن نافع، وقراءة أبي عمرو وابن عامر.
ويجوز عند الإتيان بالبسملة أن تصلها بالسورتين، أو أن تسكت عند نهاية الأولى وتصل البسملة بالثانية، أو أن تسكت عند نهاية الأولى ثم تسكت عند البسملة, ولا يجوز عندهم أن تصل البسملة بالسورة الأولى ثم تقف على البسملة ثم تبدأ بالسورة الأخرى.
فإذا تقرر هذا، فإنه قد ذكر الداني في التيسير وتابعه الش اطبي وشراح الشاطبية أن بعض الشيوخ من علماء القراءات استحبوا الإتيان بالبسملة في هذه السور الأربع -التي ذكر السائل- عند القراءة لورش وأبي عمر وابن عامر، وقد عللوا ذلك بأنهم استقبحوا الوصل بين اسم الجلالة في ختام الانفطار وبين الويل في المطففين، وبين الصبر في ختام العصر وبين الويل في الهمزة، وبين إثبات المغفرة ودخول الجنة في ختام المدثر والفجر وبين النفي في بداية القيامة والبلد.
ثم اعترض بعض العلماء هذا الاجتهاد الذي استحسنه هؤلاء بأن اسم الله تعالى الرحيم ينبغي أن يراعى فيه ما روعي في اسم الله وفي الصبر، ومن هؤلاء الذين اعترضوا هذا الاعتراض الإمام ابن بري في الدرر اللوامع وتابعه شراحه.
فلعل هؤلاء الذين يقفون على البسملة من قراء بلدكم أرادوا عدم وصل اسم الرحيم في البسملة بالنفي والويل حتى لا يقعوا فيما استقبحه بعض الشيوخ اجتهادا منهم، ويتعين في الحال هذه أن يقفوا عند نهاية السورة الأولى لما قدمناه من منع وصل البسملة بالسورة وفصلها من الثانية، وراجع الفتوى رقم: ٣٥٩٩٠
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٥ ربيع الأول ١٤٢٦