حكم من نذر أن يخصص يومين معينين لقراءة القرآن
السُّؤَالُ
ـما حكم من نذر أن يخصص يومين معينين لقراءة القرآن، علما أنني فهمت أن تخصيص يوم معين لقراءة القرآن يعتبر بدعة في الدينـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة القرآن مندوبة في كل وقت، فمن نذر تخصيص القراءة بيومين فقط في الأسبوع بمعنى أنه لا يقرأ في غيرهما كره له ذلك، لأنه نذر ترك مندوب، وفي هذا الحالة يستحب له أن يكفر كفارة يمين ويقبل على قراءة القرآن في كل وقت حسب قدرته، وأما إذا نذر القراءة في هذين اليومين دون أن ينوي في نذره الامتناع من القراءة في غيرها فلا شيء عليه ويجب عليه الوفاء بنذره لأنه نذر طاعة، ولا يعتبر هذا من التخصيص المنهي عنه لأنه جعل القراءة بالنذر واجبة في هذين اليومين ولم يمتنع في غيرهما، علما بأن النذر مكروه من أصله، وننبه هنا إلى أن النذر إذا كان على الاحتمال الأول وكان يسبب لناذره نسيان ما يحفظه من القرآن الكريم فإنه يجب عليه الحنث وكفارة يمين عنه، والإقبال على القراءة في سائر أيام الأسبوع للحفاظ على ما حفظه من كتاب الله لأن نسيان القرآن بتفريط معصية، بل عده بعضهم من كبائر الذنوب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فإن نسيان القرآن من الذنوب. قال ابن حجر في الفتح: واختلف السلف في نسيان القرآن، فمنهم من جعل ذلك من الكبائر، وأخرج أبو عبيدة من طريق الضحاك بن مزاحم موقوفا قال: مامن أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب أحدثه، لأن الله يقول: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (الشورى:٣٠)
ونسيان القرآن من أعظم المصائب، واحتجوا أيضا بما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث أنس مرفوعا: عرضت علي ذنوب أمتي، فلم أرى ذنبا أعظم من سورة من القرآن أوتيها رجل ثم نسيها , وفي إسناده ضعف.
وقد أخرج ابن أبي داود من وجه آخر مرسل نحوه، ولفظه: أعْظِمْ من حامل القرآن وتاركه.
ومن طريق أبي العالية موقوفا: كنا نعد من أعظم الذنوب أن يعلم الرجل القرآن، ثم ينام عنه حتى ينساه. وإسناده جيد.
ومن طريق ابن سيرين بإسناد صحيح: الذي ينسى القرآن كانوا يكرهونه، ويقولون فيه قولا شديدا.
ولأبي داود عن سعد بن عبادة مرفوعا: من قرأ القرآن، ثم نسيه لقي الله وهو أجذم، وفي إسناده أيضا مقال.
وقد قال به من الشافعية أبو المكارم والروياني، واحتج بأن الإعراض عن التلاوة يتسبب عنه نسيان القرآن، ونسيانه يدل على عدم الاعتناء به والتهاون بأمره.
وقال القرطبي: من حفظ القرآن أو بعضه، فقد علت رتبته بالنسبة إلى من لم يحفظه، فإذا أخل بهذه الرتبة الدينية حتى تزحزح عنها ناسب أن يعاقب على ذلك، فإن ترك معاهدة القرآن يفضي إلى الرجوع إلى الجهل والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٢ ربيع الثاني ١٤٢٥