إذ وإذا ادبر قراءتان صحيحتان
السُّؤَالُ
ـذكر الله في كتابه الكريم في سورة المدثر الآية ٣٣ والليل إذ أدبر والآية التي تليها والصبح إذا أسفر. أرجو الإفادة فيما يخص كلمة إذ لما استخدمها مع الليل وبعد ذلك استخدم كلمة إذا مع الصبح.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قرئ بـ (إذا) في الموطنين، وقرئ بـ (إذ) في الآية الأولى، وذلك جار على عادة العرب في أسلوبها.
قال البيضاوي في تفسيره: ومن عادة العرب التفنن في الكلام والعدول من أسلوب إلى آخر تطرية له وتنشيطا للسامع، فيعدل من الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى التكلم، وبالعكس.
وكل من (إذ) و (إذا) واقعان اسمي زمان منتصبان على الحال من الليل ومن الصبح, ذكر ذلك ابن عاشور.
قال الإمام الطبري في تفسيره: واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة "إذ أدبر" وبعض قراء مكة والكوفة "إذا أدبر".
والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقال البغوي رحمه الله: "والليل إذ أدبر" قرأ نافع وحمزة وحفص ويعقوب "إذ" بغير ألف، "أدبر" بالألف، وقرأ الآخرون "إذا" بالألف، "دبر" بلا ألف، لأنه أشد موافقة لما يليه، وهو قوله: "والصبح إذا أسفر"، ولأنه ليس في القرآن قسم بجانبه إذ، وإنما بجانب الإقسام إذا.
وقال الألوسي في روح المعاني: وقرأ ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وعطاء وابن يعمر وأبو جعفر وشيبة وأبو الزناد وقتادة وعمر بن عبد العزيز والحسن وطلحة والنحويان والابنان وأبوبكر "إذا" ظرف زمان مستقبل، "دبر" بفتح الدال، وهو بمعنى أدبر المزيد، كقبل وأقبل، من دبر الليل النهار إذا خلفه، والتعبير بالماضي مع إذا التي للمستقبل للتحقيق، ويجوز أن يقال إنها تقلبه مستقبلا. انتهى.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٩ شعبان ١٤٢٤