سبب استثناء يأجوج ومأجوج وهم كفار
السُّؤَالُ
ـجاء في فضل الاستثناء (قول إن شاء الله) فضائل عدة ولها قصص عدة أقصد ما حدث مع الرسول – صلى الله عليه وسلم - عندما سئل عن الفتية ... ومع سليمان – عليه السلام - عند تطوافه على نسائه ولم يستثنِ ... والآن قرأت أن قوم يأجوج ومأجوج يحفرون السد حتى إذا أوشكوا على نقبه غابت الشمس فيقول الذي عليهم غدا تعودون فتحفرونه ولم يستثن فيعودون ليجدوه أشد مما كان حتى إذا جاء الموعد قالوا غدا تعودون فتحفرونه ويستثنون فيجدونه كما كان فيكملونه ويخرجون.
السؤال كيف يستثنون وهم من الكفرة؟ أليس هذا عجيبا؟ أريد إجابة مقنعة في ذلك. وجزاكم الله كل خير.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه القصص التي ذكرتها عن الاستثناء كلها صحيحة، فأولاها وردت في كتاب الله، وعوتب عليها النبي صلى الله عليه وسلم بقول الله تعالى: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ {الكهف:٢٣-٢٤} .
والقصة التي نسبت إلى سليمان عليه السلام قد وردت في الصحيحين واللفظ لمسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال سليمان بن داود نبي الله: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كلهن تأتي بغلام يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه أو الملك: قل: إن شاء الله، فلم يقل ونسي، فلم تأت واحدة من نسائه؛ إلا واحدة جاءت بشق غلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان دركا له في حاجته.
كما أن قصة يأجوج ومأجوج وردت في حديث صحيح، أخرجه الترمذي وغيره عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في السد قال: يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدا، فيعيده الله كأشد ما كان، حتى إذا بلغ مدتهم، وأراد الله أن يبعثهم على الناس قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله واستثنى، قال: فيرجعون فيجدونه كهيئته حين تركوه فيخرقونه فيخرجون على الناس.
واعلم أن استثناءهم وهم كفار ليس فيه ما يُستغرب، فكثير من الكفار موحدون توحيد الربوبية، ويعتقدون أنه لا شيء في هذا الكون إلا بإرادة الله وإذنه ومشيئته، ولكن لهم أوجها أخرى من الكفر. فقد حكى الله تعالى عن بعض الكفار وما اتخذوه من دونه من أولياء، قال: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى {الزمر:٣} .
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٠٩ ربيع الأول ١٤٢٨