معنى حديث: وكلتا يديه يمين
السُّؤَالُ
ـسمعت حديثا: أن لله عز وجل يدين: يمينا ويسارا، وحديثا أن الله عز وجل كلتا يديه يمين، وقال العلماء ينبغي أن نؤمن بصفات الله كما جاءت، لأنه ليس كمثله شيء، والغريب أنني منذ مدة قرأت أو سمعت شريطاً للشيخ محمد بن صالح العثيمين قال معنى: كلتا يديه يمين أن كلتا يديه خير، فهل ذلك صحيح أم لا؟ وكيف أول الشيخ الصفات؟ مع أنه ـ رحمه الله ـ من علماء السنة، وما حكم ما قاله من وجهة نظرالشرع؟.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟.
وفي صحيح مسلم أيضاً عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المقسطين عند الله على منابر من نورعن يمين الرحمن عز وجل ـ وكلتا يديه يمين ـ الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا.
ويمكن الجمع بين الحديثين بأن كلتا يديه سبحانه - وإن سميت إحداهما شمالاً - أي: ذات يمين وبركة وأنهما متصفتان بصفة الكمال لا نقص في واحدة منهما، بخلاف حال المخلوقين الذي تنقص يد أحدهم عن الأخرى في الشرف والقوة والكمال، ومن أهل العلم من ضعف رواية ـ بشماله ـ وصوب رواية أبي داود ـ يده الأخرى ـ وعلى كلا القولين، فنحن نؤمن بأن لله يدين، ونثبتهما له، وإنما كلامنا هنا على معنى كلمة اليمين وتوضيحه، وليس في هذا تأويل لصفة اليدين، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية: ومذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته أنهم يؤمنون بما جاء في كتاب الله عز وجل، وبما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تأويل ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، ولا يضاف إلى الله جل وعلا شيء من صفات النقائص وقوله في الحديث: كلتا يديه يمين. نقل البغوي عن الخطابي ـ رحمهما الله ـ أن هذه صفة جاء بها التوقيف، فنحن نطلقها على ما جاءت ولا نكيفها، وننتهي إلى حيث انتهى بنا الكتاب والأخبارالصحيحة، وهو مذهب أهل السنة والجماعة.
وقال بعض أهل العلم معنى: وكلتا يديه يمين. يعني في الشرف والفضل، وإن سميت إحداهما شمالاً. كما جاء في حديث ابن عمر في صحيح مسلم.
والشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ علم من أعلام أهل السنة، ويحسن بنا في هذا المقام أن ننقل كلامه، قال فضيلته: والجمع بين الحديثين واضح، أن الله تعالى له يمين وشمال، لكن كلتا اليدين يمين أي: يُمن وخير وبركة، فلا يتوهم واهم أنه إذا كانت له يد شمال أن يده الشمال قاصرة كما هي في المخلوقين، فالخلق أشرفهم البشر، والشخص يده الشمال قاصرة عن يده اليمين، ولهذا نهي الإنسان أن يأكل بشماله، أو يشرب بشماله، أو يأخذ بشماله، أو يعطي بشماله، فلما كان البشر هذه صفة اليد الشمال عندهم، رُفع هذا الوهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: كلتا يديه يمين. لقاء الباب المفتوح.
وبالتأمل في كلامه ـ رحمه الله ـ يتضح أنه يثبت لله يدين ـ على الوجه اللائق به سبحانه ـ دون تأويل، وإنما كلامه في توضيح معنى اليمن، ولماذا اتصفت به اليدان، وليس في هذا ما يخالف منهج أهل السنة والجماعة، وانظر الفتوى رقم: ٦٣٩٤٣.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢١ شوال ١٤٣٠