مناقشة الزعم بإشارة القرآن لانفلونزا الطيور
السُّؤَالُ
ـما صحة هذا يا إخوان:
الإعجاز العلمي يكشف عن انفلونزا الطيور في القرآن الكريم
هذا موضوع لباحث قرأته وأردت أن أنقله لكم
وهو لباحث ويقول فيه:
ولما حدث موضوع انفلونزا الطيور ظهرت أمامي آية أحفظها منذ سنين وأحسست أنها مرتبطة بموضوع أنفلونزا الطيور.
ولم أتسرع لأن الكلام في القرآن ليس هكذا إنما يجب أن نتأكد لئلا نتكلم في كتاب الله بلا علم.
فسألت أحد العلماء عن إحساسي هذا فقال متعجبا (سبحان الله) وتعجب جدا ونصحني بنشرها.
الآية تقول إن الناس سيفتقدون لحوم الطيور في زمن من الأزمان لسبب مجهول حتى أنهم سيتشوقون لها جدا (ولعل ذلك السبب مرض ما إذا أكلت تؤدي إليه فيحظر أكلها أو بسبب انقراضها لمرض أو إبادة جماعية لها) - وأن الله في الجنة سيجزي المؤمنين لحوم الطيور التي كانوا يشتاقون إليها في الدنيا جزاء لإيمانهم به.
وقد ذكر ذلك الله تعالى لحوم الطير خصوصا دون لحوم البقر أو الإبل أو الماعز فقال تعالى في سياق آيات النعم التي سينعم الله بها على المؤمنون في الجنة
(وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ {٢٠} وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ {٢١} ) (سورة الواقعة)
فما الذي سيجعل الناس يشتهون لحوم الطير في الجنة خاصة إلا أن يكونوا قد حرموا منها في الدنيا
وهل نحن نتشوق فقط للحوم الطير في الدنيا ولا نتشوق مثلا للفاكهة التي ذكرت في الآيات ولكنها لم تقترن بلفظ يشتهون - مع أننا نتشوق للفاكهة وغيرها من المأكولات واللحوم الألذ في بعض الأحيان من لحوم الطير.
ولماذا لحوم الطير عامة وليس الدجاج أو البط أو الحمام فالظاهر من الآية أن سبب الاشتهاء سيكون بسبب افتقاد الناس للحوم الطيور عامة بجميع أنواعها.
أي أنه إن كان سبب الاشتياق مرض فإنه سيعم جميع أنواع الطيور وليس نوعا واحدا وذلك بسبب استطاعة الطيور السفر والهجرة ونقل المرض إلى جميع أنواع الطيور في العالم وفي أي مكان - (بالضبط كما يحدث الآن) - عكس جنون البقر مثلا الذي الذي كان محصورا ونستطيع السيطرة عليه لعدم طيران البقر مثلا مثل الطيور المهاجرة.
فنحن نرى اليوم بأم أعيننا الناس وهم يرمون الدجاج والبط والحمام والعصافير والسمان والأوز الحي والمجمد وغيره والحسرة تملأ أعينهم وهم في أشد الحاجة لأكل لحمه اللذيذ.
ألا ترون معي أن تلك إشارة قرآنية مما يحدث الآن فلو استمرت الدول في إعدام الطيور بهذه الطريقة سيؤدي ذلك لإنقراضها كما انقرضت الكثير من الحيوانات من قبل ويصبح لحم الطير ذكرى نتشوق إليها كلما سمعنا عنها.
وفي الجنة سيكون لحم الطير جزاء ومكافأة دون سائر لحوم البقر والضأن والجمل التي توجد في الجنة أيضا ولكن لم يذكر لنا الله في القرآن أننا سنتشوق لها.
فكما ترون الآن الناس تركت لحوم الطير واتجهت لشتى أنواع اللحوم الأخرى في تصديق عجيب للقرآن دون أن يقصدوا ليصبح لحم الطير قريبا من اللحوم التي نشتاق إليها جميعا.
فسبحان من ذكر تلك الآية المعجزة التي نحفظها عن ظهر قلب (ولحم طير مما يشتهون) .
وفي النهاية أحمد الله تعالى أن أنار أمامي الطريق لأرى عظمة كتاب الله وما فيه من المعجزات التي كنت أجهلها وأجهل عظمة معجزة محمد النبي الأمي (الذي لم يكن يقرأ ولا يكتب) صلى الله عليه وسلم.
والحمد لله رب العالمين. انتهى.
جزاكم الله خيرا واحسن إليكم.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم ينبغي له الاشتغال في تعلم القرآن وتعليمه عملا بحديث البخاري: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. وبحديث البخاري: بلغوا عني ولو آية. وليهتم بتعليم نصوص القرآن وتفهم معانيها، وما يستنبطه أهل العلم بالتفسير من فقهها.
وأما التكلف في حمل القرآن على أفهام غير مؤكدة فلا يليق بالمسلم، فإن القرآن لم يذكر انقراض الطيور، كما أن الطيور حتى الآن لم تنقرض، ولا ندري هل ينتهي هذا المرض هذه الفترة من العالم، وتبقى الطيور تتناسل وتتكاثر.
وأما ذكر القرآن اشتهاء أهل الجنة للحم الطيور فليس نصا في فقدهم لها في الدنيا، ولو تصورنا أن أهل القرن الحادي والعشرين فقدوها، فهل من سبق من القرون لا يشتهيها.
ثم إن أهل الجنة يشتهون النساء فهل معنى هذا أنهم فقدوا النساء في الدنيا، فلم يكونوا تزوجوا في الدنيا؟!
ويدل لشهوتهم النساء ما في حديث النسائي: إن الرجل منهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة. اهـ
ثم إن شهوة اللحم عندهم ليست خاصة بلحم الطير؛ بل يشتهون اللحوم الأخرى، وقد نص أهل التفسير عند قوله تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ {الزخرف: ٧١} أنهم يشتهون أنواع المطعوم والملبوس وغير ذلك، ويدل لاشتهائهم أنواع اللحوم قوله تعالى: وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ {الطُّور:٢٢} قال ابن كثير: أي وأتحفناهم بفواكه ولحوم من أنواع شتى مما يستطاب ويشتهى. اهـ
وقال الشوكاني: أي زدناهم على ما كان لهم من النعيم بفاكهة متنوعة ولحم من أنواع اللحمان مما تشتهيه أنفسهم ويستطيبونه.
وقال ابن عاشور في تفسيره عند قوله تعالى: وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ. هذا تبشير ببعض ما لهم من النعيم مما تشتاق إليه النفوس في هذه الحياة الدنيا لتشويقهم إلى هذا المصير فيسعوا لنواله بصالح الأعمال.
وليس في الاقتصار على المذكور هنا بمقتضى حصر النعيم فيما ذكر، فقد قال الله تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ. اهـ
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٧ ربيع الثاني ١٤٢٨