النسخ قد لا يخلفه بدل
السُّؤَالُ
ـالسلام عليكم
ما معنى قول الزركشي في البحر المحيط: لا يشترط في النسخ أن يخلفه بدل؛ كما في نسخ الصدقة في مناجاة الرسول، والإمساك بعد الإفطار في ليالي رمضان، وما المقصود بالنسخ؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق تعريف النسخ وبعض أحكامه في الفتوى رقم: ٣٧١٥ فليرجع إليها.
أما معنى قول الزركشي في البحر المحيط المذكور، فهو أن النسخ قد لا يخلفه بدل، أي قد ينسخ الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم الحكم ولا يأتي حكم بديل عنه، فمثلاً تقديم الصدقة عند إرادة مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم الوارد في الآية (١٢) من سورة المجادلة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ نسخ هذا الحكم ولم يأت بدل عنه، حيث جاء النسخ في الآية التي بعدها: أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ المجادلة:١٣ .
فلم يُطلب منهم شيء يقدمونه إذا خلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم يناجيه أحدهم في أمر.
وكذلك كان الإمساك لمن أفطر من الصيام واجباً بقية الليلة فنسخ بغير بدل، نسخته الآية (١٨٧) من سورة البقرة: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ البقرة:١٨٧ .
وكذلك نسخ تحريم الجماع ليالي رمضان بقوله في نفس الآية: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُم
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٠ صفر ١٤٢٤