هل القمر في السماء الدنيا أم بين السماء والأرض
السُّؤَالُ
ـتفسير الآية: وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا. السؤال: هل يوجد القمر بين السماوات في أي سماء هو؟ وهل هو القمر نفسه الذي نراه في السماء فكيف وجوده بين السماوات الطباق؟
وبارك الله فيكم.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد ذكر بعض الفلكيين أن القمر في السماء الدنيا، ولكن أهل العلم يرون أن القمر ليس في السماء نفسها، بل هو في فلك بين السماء والأرض.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وأما قوله: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا؛ فيمكن فيها التأويل أيضا بأن يقال: المراد لقوله: فيهن: في جهتهن، وجهة السماوات العلو، ... اهـ
وقال أيضا:
والآيات التي يظنها بعض الناس دالة على أن القمر في السماء نفسها ليس فيها التصريح بأنه مرصع في السماء نفسها التي هي السقف المحفوظ، نعم ظاهر اللفظ أن القمر في السماء نفسها، ولكن إن ثبت وصول السفن الفضائية إليه ونزولها على سطحه فإن ذلك دليل على أن القمر ليس في السماء الدنيا التي هي السقف المحفوظ وإنما هو في فلك بين السماء والأرض كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ. {الأنبياء: ٣٣} . وقال تعالى: لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ. {يس:٤٠} . قال ابن عباس رضي الله عنهما: يدورون كما يدور المغزل في الفلكة، وذكر الثعلبي والماوردي عن الحسن البصري أنه قال: الشمس والقمر والنجوم في فلك بين السماء والأرض غير ملصقة به، ولو كانت ملصقة به ما جرت. ذكره عنهما القرطبي في تفسير سورة يس.
والقول بأن الشمس والقمر في فلك بين السماء والأرض لا ينافي ما ذكر الله من كونهما في السماء، فإن السماء يطلق تارة على كل ما علا قال ابن قتيبة: كل ما علاك فهو سماء، فيكون معنى كونهما في السماء أي في العلو أو على تقدير مضاف أي في جهة السماء.
وقد جاءت كلمة السماء في القرآن مرادا بها العلو كما في قوله تعالى: وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ. {ق: ٩} . يعني المطر، والمطر ينزل من السحاب المسخر بين السماء والأرض..... اهـ
وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أنهم سئلوا:
هل القمر بين السماوات أو تحت السماء الدنيا؟ وإذا كان بينهما، فكيف يتأتى الصعود على وجه القمر مع الدليل؟
فأجابوا: أنه يحتمل أن يكون القمر بين السماوات، وأن يكون تحت السماء الدنيا لعدم وجود دليل يعين أحد الاحتمالين، وليس في قوله تعالى: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا. دليل يعين كونه بينهن؛ لاحتمال أن يكون الجار والمجرور فيهن متعلقا بكلمة نورا، والمعنى: وجعل القمر نورا فيهن، فيكون نوره فيهن كما أنه في الأرض، ولا يلزم من ذلك كونه بينهن، وإذا لم يتعين كونه بينهن أمكن أن يصعد إليه بالمصاعد الحديثة.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢١ جمادي الأولى ١٤٣٠