الأهرامات.. وصفها.. ومن قام ببنائها
السُّؤَالُ
ـقرأت أخيرا مقالا حول حقيقة من بنى الأهرامات لمحمد سمير عطا وهو يقول إنهم قوم عاد هم بناة الأهرامات ولطالما كنت من المستغربين في هذه الآثار اللغز، فهل هم حقيقة من بنى هذه الأهرامات؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعروف أن قوم عاد كانوا يسكنون الأحقاف ولم يسكنوا مصر، كما قال تعالى: وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ {الأحقاف: ٢١} .
والأحقاف تقع في جنوب الجزيرة العربية قرب حضرموت.
قال ابن كثير: كانوا قومًا يسكنون الأحقاف، وهي: جبال الرمل قريبًا من بلاد حضرموت متاخمة لبلاد اليمن.
وقال أيضا: كانوا عربا يسكنون الأحقاف - وهي جبال الرمل - وكانت باليمن بين عمان وحضرموت بأرض مطلة على البحر يقال لها الشحر، واسم واديهم مغيث. اهـ، وقد سبق ذكر ذلك في الفتوى رقم: ١٠٦٧٥٥.
فيبعد أن يصح ما ذكر في المقال الوارد في السؤال، ومما يدل على خطئه قوله تعالى: وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ.
قال ابن عاشور: والمراد بفرعون هو وقومه، ووصف ذي الأوتاد لأن مملكته كانت تحتوي على الأهرام التي بناها أسلافه.
وقال الجزائري: جائز أن يكون المراد بالأوتاد القوة والبطش، أو الأهرام لأنها بناء راسخ في الأرض كالأوتاد. اهـ.
وهذا القول الأخير رجحه الشيخ عطية سالم فقال: والذي يظهر -واللَّه تعالى أعلم- أن هذا القول هو الصحيح، وأنها مرتفعة، وأنها هي المعروفة الآن بالأهرام بمصر، ويرجح ذلك عدة أمور:
منها: أنها تشبه الأوتاد في منظرها طرفه إلى أعلى، إذ القمة شبه الوتد، مدببة بالنسبة لضخامتها، فهي بشكل مثلث، قاعدته إلى أسفل وطرفه إلى أعلى.
ومنها: ذكره مع ثمود الذين جابوا الصخر بالواد، بجامع مظاهر القوة، فأولئك نحتوا الصخر بيوتاً فارهين، وهؤلاء قطعوا الصخر الكبير من موطن لا جبال حوله.
ومنها: أن حملها على الأهرام القائمة بالذات والمشاهدة في كل زمان ولكل جيل، أوقع في العظة والاعتبار، بأن من أهلك تلك الأمم قادر على إهلاك المكذبين من قريش وغيرهم. اهـ
ومما يرجح ذلك أيضا أن القرآن يذكر عن فرعون ما يدل على أنه وقومه أصحاب بناء وعمارة وتشييد، فقال تعالى: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ {القصص: ٣٨} .
وقال سبحانه: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى {غافر: ٣٦، ٣٧} .
وعلى أية حال فلا ينبغي الانشغال وإشغال الناس بهذه الأشياء التي لا تعود عليهم بالنفع في دينهم ولا دنياهم، لاسيما والأمور المهمة كثيرة وملحة.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٠٧ صفر ١٤٣٠