مسائل في قوله تعالى (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب)
السُّؤَالُ
ـفى سورة الأنبياء الآية (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب) ، أليس السجل هو الكتاب، يعني تكرار لنفس الكلمة أم يوجد فرق بين السجل والكتب، ولماذا المفرد للسجل والكتب جمع؟ ولماذا بعض الأشخاص يقرأ الكتاب مفرد، وهل ذكر الكتب تكرار للتأكيد أم يوجد فرق بين السجل والكتب؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر ابن الجوزي في زاد المسير أربعة أقوال في معنى السجل: أحدها: أنه ملك، قاله علي بن أبي طالب وابن عمر والسدي.
والثاني: أنه كاتِب كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس.
والثالث: أن السجل بمعنى الرجل، روى أبو الجوزاء عن ابن عباس قال: السجل هو الرجل. قال شيخنا أبو منصور اللغوي: وقد قيل (السجل) بلغة الحبشة: الرجل.
والرابع: أنه الصحيفة رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد والفراء وابن قتيبة وقرأت على شيخنا أبي منصور قال: قال ابن دريد: السجل: الكتاب. والمعنى: كما يُطوى السجل على ما فيه من كتاب. (واللام) بمعنى (على) ، وقال بعض العلماء: المراد بالكتاب: المكتوب، فلما كان المكتوب ينطوي بانطواء الصحيفة، جعل السجل كأنه يطوي الكتاب. انتهى.
وقال الماوردي في تفسيره (النكت والعيون) : فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن السجل الصحيفة تطوى على ما فيها من الكتابة، وهذا قول مجاهد وقتادة.
الثاني: أنه الملك.
الثالث: أنه كاتب يكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا قول ابن عباس. انتهى.
وأما القراءات في قوله تعالى (للكتب) فقال ابن الجزري في النشر: قرأ حمزة والكسائي وخلف وحفص (للكتب) بضم الكاف والتاء من غير ألف على الجمع، وقرأ الباقون بكسر الكاف وفتح التاء مع الألف على الإفراد. انتهى. وفي هذا جواب على قولك: ولماذا بعض الأشخاص يقرأ الكتاب مفرداً؟ فهي قراءة متواترة.
وأما توجيه هذه القراءات من حيث المعنى، فقال الشاطبي في إبراز المعاني من حرز الأماني: القراءة دائرة بين الجمع والإفراد، قد سبق لهما نظائر، فالكتب جمع كتاب، والكتاب في الأصل مصدر كتب كتاباً، مثل بنى بناء، ثم قيل للمكتوب كتاب.
وقد اختلف في معنى السجل، فقيل: هو ملك يطوي صحائف بني آدم، وقيل: كاتب كان للنبي صلى الله عليه وسلم، فالمعنى على هذين القولين ظاهر، أي كما يطوي السجل الكتاب أو الكتب، فالمفرد اسم جنس يغني عن الجمع، فهو واحد يراد به الكثرة، وقد سبق تفسير هذه الآية في الفتوى رقم: ٣٥٧٠٩.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٨ شعبان ١٤٢٩