الوهابية والصوفية
السُّؤَالُ
ـلماذا نسمع في وسائل الإعلام أن أولئك وهابيون وأن الآخرين صوفيون, كيف نوحد الأمة على الكلمة الحق وننهي هذه الاختلافات المفتعلة؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الخلاف في أصول الدين وكلياته المجمع عليها، وإنما يكون الخلاف في بعض الأحكام الفرعية التي يسوغ فيها الخلاف، وانظر بعض أسباب اختلاف الفقهاء في الفتوى رقم: ٢٦٣٥٠.
هذا، والفرقة الناجية هم من عصمهم الله تعالى من الاختلاف في أصول الدين وكلياته وقطعياته، هم القائمون على الحق الآخذون بالكتاب والسنة السائرون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته في الاعتقاد والسلوك والعمل، وباختصار هم أهل السنة والجماعة الذين بين النبي صلى الله عليه وسلم أنهم الفرقة الوحيدة الناجية من النار الموصوفة بقوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر افتراق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة وبين أن جميع الفرق في النار إلا واحدة: ما أنا عليه اليوم وأصحابي.
وتوحيد الأمة ينبغي أن يكون على أصول أهل السنة والجماعة الذين هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
وإن لأهل السنة والجماعة خصائص وخصال، انظرها في الفتوى رقم: ٦٤٨٩٠ والفتاوى المتفرعة عنها، وأهل السنة غرباء في الناس، وهم أقل من القليل لكنهم موجودون ولا يخلو منهم زمان. قال صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله. رواه مسلم.
وانظر صفة الغرباء في الفتوى رقم: ٥٨٠١١.
هذا، وليعلم أنه لا توجد فرقة أو طائفة تنعت نفسها بالوهابية، وإنما هذا لقب أطلقه بعض المبتدعة على من أنكر عليهم بدعهم الاعتقادية من أتباع أحد دعاة أهل السنة وهو الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وانظر ترجمته في الفتوى رقم: ٧٠٧٠.
وأما الصوفية فهم ليسوا سواء في المنزلة، فمنهم المتبعون لسنة محمد صلى الله عليه وسلم ومنهم المبتدعة الذين أحدثوا في الدين ما لم يأذن به الله، وانظر تفصيل الكلام عنهم في الفتوى رقم: ٦٤٧٢٣ وما تفرع عنها.
واعلم أن الخلاف في الأمة أمر قدري قال تعالى: وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ {هود: ١١٨-١١٩}
وقال صلى الله عليه وسلم إن هذه الامة ستفترق..
فينبغي أن لا يشغلك أمر الخلاف الواقع عما يجب عليك في خاصة نفسك، وهو الاستقامة على أمر الله والتمسك بدينه والانقياد لشرعه والبحث عن أهل السنة في المكان الذي تعيش فيه، فتنتظم في سلكهم وتعبد الله معهم وتكثر سوادهم، ثم تجتهد في دعوة من ليس منهم إلى الانتماء إلى منهجهم، ثم تصبر على ما قد تلقى من البلاء في سبيل ذلك، وذلك مقتضى قوله تعالى: وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١١ رجب ١٤٢٦