استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها
السُّؤَالُ
ـشيخنا الكريم، هنالك آية كريمة في سورة الأحزاب وهي آية ٥٢ وأود توضيحها حيث إنني في حيرة من الأمر
وهي \" لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حُسنهن ... \" إلى آخر الآية الكريمة، أستغفر الله قبل أن أكتب ما أقصده لأنني لا أعرف حقاً كيف سأسأل عن قصدي بكل بساطة شيخنا الفاضل، نحن نعلم أن الله عز وجل أمرنا بغض أبصارنا ذكوراً وإناثاً عن كل ما حرمه عز وجل ومن ضمنه غض بصر الرجال عن النساء المحرمات عليهم، فكيف تبينوا معنى هذه الآية لنا \"ولو أعجبك حُسنهن\" حيث المعنى أن كيف سيعجب الإنسان الشخص إلا برؤيته له ولأنني على يقين أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هو أكثرنا طاعة لأوامر الله عز وجل، فلا يعقل أن يكون قد أطلق العنان لبصره في رؤية النساء وأعجب بحسنهن.
أرجو من الله العلي القدير أن أكون قد وفقت لتوصيل ما أقصده من شرحكم الوافي لما ورد من خلال هذه الآية الكريمة
وجزاكم الله عز وجل خيراًـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم سيد الخلق أجمعين وأخشاهم لله وأعلمهم بما يتقي، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لأخشاكم لله وأتقاكم له. وفي رواية عن أحمد: إني أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده.
أما قوله تعالى: وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ {الأحزاب: ٥٢} فإعجاب النبي صلى الله عليه وسلم بحسن امرأة قد يكون مصدره الإخبار بذلك، وقد يكون بالنظر المشروع بأن ينظر إلى من يريد زواجها، كما في حديث سهل بن سعد أن امرأة جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعَّد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه. الحديث متفق عليه.
وهذا ليس خاصا به صلى الله عليه وسلم بل هو عام، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. رواه أحمد وأبو داود عن جابر بن عبد الله. وعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. رواه الترمذي وحسنه. وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها؟ قال لا، قال: فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا.
قال الإمام النووي: وفيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها، وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء. اهـ.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٠ صفر ١٤٢٦