التجسيم والتشبيه كفر بالله، وابن عبد الوهاب بريء من ذلك
السُّؤَالُ
ـلمذا أنتم" أتباع محمد عبد الوهاب " تختلفون في العقيدة مع بقية أهل السنة والجماعة وتتبعون عقيدة التجسيم والتشبيه؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنحن والشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- أتباع لمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، وكل مسلم مطالب بأن يكون تابعاً لهذا النبي الكريم، ولا يصح الإسلام ولا الإيمان إلا بهذه المتابعة التي هي مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأهل السنة والجماعة يثبتون من الأسماء والصفات ما أثبته الله تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تأويل ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
وهذا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان، وهو ما تكلم به الفقهاء والمحدثون وأئمة الإسلام، ولمعرفة ذلك انظر دواوين السنة كصحيح البخاري وصحيح مسلم وبقية الكتب الستة ومسند أحمد، وانظر الإيمان لابن منده والتوحيد له أيضاً، والتوحيد لابن خزيمة، والسنة لعبد الله بن أحمد والسنة للخلال وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي وغير ذلك من الكتب التي عنيت ببيان معتقد أهل السنة والجماعة من خلال الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين والأئمة.
والتجسيم أو التشبيه بدعة قبيحة منكرة بل هي كفر بالله عز وجل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما في مجموع الفتاوى ٥/١٩٦: وقال نعيم بن حماد الخزاعي: من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله نفسه ورسوله تشبيهاً.
وقال شيخ الإسلام أيضاً: ومذهب السلف بين مذهبين، وهدي بين ضلالتين، إثبات الصفات ونفي مماثلة المخلوقات، فقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ الشورى:١١ . رد على أهل التشبيه والتمثيل، وقوله: وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الشورى:١١ . رد على أهل النفي والتعطيل، فالممثل أعشى، والمعطل أعمى، الممثل يعبد صنما، والمعطل يعبد عدماً. انتهى
وقد أطال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- النفس في الرد على المشبهة وإبطال قولهم في كثير من مصنفاته، على عكس ما ينسبه أهل الجهل إليه، وقد برأه الأئمة والعارفون من هذه التهمة القبيحة، وانظر على سبيل المثال ما قاله العلامة ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح ٨/١٤٨ في شأن ابن تيمية وابن القيم وأن الله صانهما عن هذه السمة الشنيعة والنسبة الفظيعة، وأنهما كانا من أهل السنة والجماعة بل ومن أولياء هذه الأمة، وهذا في معرض رده على كلام ابن حجر الهيتمي -رحم الله الجميع- وكلام الإمام نعيم بن حماد السابق الذي ذكره شيخ الإسلام آنفا، نقله الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٣/٢٩٩ قائلاً: وما أحسن قول نعيم بن حماد ثم ساقه وقال: معقباً عليه، قلت: أراد أن الصفات تابعة للموصوف، فإذا كان الموصوف تعالى ليس كمثله شيء في ذاته المقدسة، فكذلك صفاته لا مثل لها؛ إذ لا فرق بين القول في الذات والقول في الصفات، وهذا هو مذهب السلف. انتهى
ومن أعظم الفرية وأقبح الجرأة على الله وعلى كتابه أن يقال: إن ما في القرآن من إثبات اليد والاستواء والمجيئ ظاهره التشبيه: قل أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ البقرة:١٤٠ .
وأما الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- فقد شهد له العلماء المنصفون بالعلم والاستقامة والصلاح، وهو المصلح المجدد لما اندرس من معالم التوحيد في زمنه رحمه الله، وهو بريء من التشبيه والتجسيم، وهذه كتبه ومؤلفاته في متناول الباحث، فليوقفنا على جملة واحدة منها تدعو إلى ذلك أو تقره وترضى به، وانظر في التعريف بالشيخ محمد بن عبد الوهاب وذكر ثناء العلماء عليه في الفتوى رقم:
٥٤٠٨ والفتوى رقم:
٧٠٧٠.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٠٨ جمادي الأولى ١٤٢٣