معنى (لأملأن جهنم من الجنة والناس..) و (.. وتقول هل من مزيد)
السُّؤَالُ
ـجادلني أحد الزملاء في آيات عجزت أن أرد عليه. أفيدوني رعاكم الله عن الآية التي أقسم فيها رب العزة "لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " والأية " ... وتقول هل من مزيد " ولسان حال زميلي يقول أعاذنا الله وإياكم من الزلل أن الله عازم على تعذيب عباده وأنهم لا حول لهم ولا قوة.
بارك الله فيكمـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العذاب المذكور في الآيات التي ذكرتها لمن استحقه من الكافرين ومن أهل الكبائر من هذه الأمة، وليس لعباد الله المؤمنين، أما قوله تعالى: قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ {الأعراف:١٨} قال الإمام الطبري: هذا قسم من الله عز وجل ثناؤه أن من اتبع من بني آدم عدو الله إبليس وأطاعه وصدق ظنه عليه أن يملأ من جميعهم، يعني من كفرة بني آدم أتباع إبليس ومن إبليس وذريته جهنم. فرحم الله امرءاً كذب ظن عدوالله في نفسه وخيب فيها أمله وأمنيته، ولم يكن ممن أطمع فيها عدوه واستغشه ولم يستنصحه. ا. هـ
وقوله تعالى: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ*إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ {هود: ١١٨ـ١١٩} ، قال ابن كثير: يقول الله تعالى: ولو شاء ربك يا محمد لأذن لأهل الأرض كلهم في الإيمان بما جئتهم به فآمنوا كلهم، ولكن له حكمة فيما يفعله تعالى. ا. هـ
وأما قوله تعالى: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ {قّ:٣٠} ، فروى الطبري في تفسيره عن ابن عباس قال: إن الله الملك تبارك وتعالى قد سبقت كلمته: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. فلما بعث الناس أحضروا وسيق أعداء الله إلى النار زمراً فجعلوا يقتحمون جهنم فوجاً فوجاً، لا يلقى في جهنم شيء إلا ذهب، ولا يملؤها شيء، قالت: ألست قد أقسمت لتملأني من الجنة والناس أجمعين، فوضع قدمه، فقالت حين وقع قدمه فيها: قط قط فإني قد امتلأت فليس لي مزيد. ا. هـ.
وأخيرا ننبه السائل وغيره إلى أن المسلم يستسلم لحكم الله تعالى وينقاد له، فحكمه سبحانه وتعالى عادل وحكمته بالغة لا يسأل عما يفعل، على أن عقوبة من استحقها من أهل الكفر أو المعاصي من العدل الواضح الذي يقره الفكر السليم والعقول النيرة. لذا فلا يجوز الاعتراض على قضائه وقدره سبحانه وتعالى في جميع ما حكم به لا نطقا ولا ضمنا.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١١ شعبان ١٤٢٥