حكم إطلاق (المخوف) على الله
السُّؤَالُ
ـأيها الشيوخ الكرام: هل يجوز لنا أن نقول شرعا الله المخيف أو المخوف أو يخيف؟ وهل من صفات الله أو أسمائه المخيف أو المخوف؟.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأسماء الله تعالى توقيفية، فلا يصح إثبات اسم لله تعالى إلا بدليل، ولا مدخل للقياس في ذلك، قال البغوي في تفسيره: الإلحاد في أسماء الله تسميته بما لم يتسم به ولم ينطق به كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وأهل العلم الذين قرروا ذلك قد اختلفوا في ما جاءت به النصوص منسوبا إلى الله تعالى بصيغة الفعل وبصورة الاسم المضاف، هل يجوز اشتقاق الاسم منها؟ أم أن هذا ينافي التوقيف؟ وقد سبق بيان ذلك، وأن الراجح هو أن ندور مع النصوص الشرعية لفظا ومعنى، فما ورد بصيغة الاسم أثبتناه اسما بلفظه، وما ورد مضافا أو بصيغة الفعل لم نتجاوز وصف الله تعالى به بالصيغة التي ورد بها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: ١٢٥٣٧٧.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: ٦٠٠٩، ٢٣٠٧٤، ١٢٧٣٣٣.
هذا في باب تسمية الله تعالى ثم وصفه، أما باب الإخبار عنه سبحانه فهو أوسع، فيصح بكل ما يصح نسبته إليه عز وجل، ولا يجب أن يكون توقيفيا، قال ابن القيم: ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا، كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه. اهـ.
وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: ١٢٤٣٤٥، ١٠٢١٦٩، ١٥٧٠٩، ٤٧٩٠٢.
وقال الغزالي في ـ المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى ـ في اسم الله: المؤمن: لعلك تقول الخوف على الحقيقة من الله تعالى، فلا مخوف إلا إياه، فهو الذي خوف عباده، وهو الذي خلق أسباب الخوف فكيف ينسب إليه الأمن؟ فجوابك: إن الخوف منه والأمن منه وهو خالق سبب الأمن والخوف جميعا، وكونه مخوفا لا يمنع كونه مؤمنا، كما أن كونه مذلا لم يمنع كونه معزا، بل هو المعز والمذل، وكونه خافضا لم يمنع كونه رافعا، بل هو الخافض الرافع، فكذلك هو المؤمن المخوف، لكن المؤمن ورد التوقيف به خاصة دون المخوف. اهـ.
وقد أخبر الله تعالى عن نفسه، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم، أنه يخوف عباده ليتقوه، قال سبحانه: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ {الزمر: ١٦} .
وقال تبارك وتعالى: وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا {الإسراء:٥٩-٦٠} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله تعالى يخوف بها عباده. متفق عليه.
وقال الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني في المختصر في التعرف على أسماء الله الحسنى: الأسماء التسعة والتسعون التي وردت بنصها في الكتاب المقدس ـ يعني عند أهل الكتاب ـ منها أيضا عشرون اسما متفقة مع ضوابط الإحصاء التي تقدمت، وهي أسماء لم ترد في الإسلام بنصها، ولا يصح تسمية الله بها عند المسلمين، ولكن يصح إطلاقها على الله من باب الأوصاف والأفعال والإخبار. اهـ.
وذكر منها: المخوف.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٤ ذو القعدة ١٤٣٠