صفات الله لا يشتق منها أسماء له سبحانه
السُّؤَالُ
ـوالقاعدة الثالثة: أن صفات الله لا يجوز أن يشتق منها أسماء لله فلا يشتق من صفة المشيئة اسم الشائي، ولا من صفة المجيء اسم الجائي.
تدل هذه القاعدة أنه لا يجوز ذكر صفة وهي بالأصل اسم من أسماء الله عز وجل وقد أتت بعض الصفات مخالفة لما ذكر في القاعدة الثالثة ومثال على ذلك الباطنية: وهي صفة من صفات الله تعالى مأخوذة من اسمه (الباطن) الوارد في قوله تعالى: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن} (الحديد:٣) والوارد في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر) رواه مسلم ومعنى صفة الباطنية: احتجاب الله عن الخلق في الدنيا فلا يرونه ولا يحسونه.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقاعدة التي ذكرت صحيحة، كما أنها غير متعارضة مع ما مثلت به لأن المثال يفيد أن الاسم يشتمل على وصف له عز وجل، لا أن الوصف يشتق منه اسم له سبحانه. وهذا قد بينه أهل العلم ونصوا على كونه منهج أهل السنة والجماعة خلافا للمعتزلة الذين يثبتون الأسماء وينفون الصفات.
ثم إننا ننبهك على إن تفسير الباطن بما ذكرت ليس هو الأولى بل الأولى أن يفسر بأنه الأقرب إلى كل شيء، كما قد فسره النبي فيما ذكرت في الحديث من قوله وأنت الباطن فليس دونك شيء، فاسْمُهُ الْبَاطِنُ: دَالٌّ عَلَى قُرْبِهِ وَمَعِيَّتِهِ.
قال ابن القيم في طريق الهجرتين: وهو تبارك وتعالى، كما أنه العالي على خلقه بذاته فليس فوقه شيء، فهو الباطن بذاته فليس دونه شيء، بل ظهر على كل شيء فكان فوقه، وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه، وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه، وكل شيء في قبضته، وليس في قبضة نفسه، فهذا قرب الإحاطة العامة، انتهى.
وقيل معناه: العالم بالخفيات. كما ذكره النووي في شرح مسلم.
. قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: الْبَاطِنُ أَيْ الْمُحْتَجِبُ عَنْ أَبْصَارِ الْخَلَائِقِ وَأَوْهَامِهِمْ فَلَا يُدْرِكُهُ بَصَرٌ وَلَا يُحِيطُ بِهِ وَهْمٌ. اهـ.
وجاء في تفسير السراج المنير: ظاهر وباطن: جامع للظهور بالأدلة، والخفاء فلا يدرك بالحواس. اهـ.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١١ جمادي الأولى ١٤٢٩