مذهب ابي ذر رضي الله عنه في كنز المال
السُّؤَالُ
ـنرجو منكم توضيح القصة أو ما حدث بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجمعين. وأيضا أود أن أعلم لماذا لم يرض أبو ذر عن طريقة تصرف عثمان ومعاوية بأموال المسلمين. أريد شرحاً مفصلاً في هذا الأمر وبارك الله فيكمـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتوضيح ما حدث بين علي ومعاوية نحيلك على كتب التاريخ المعتمدة كالبداية والنهاية، وتاريخ الطبري وغيرها، ولمعرفة الموقف الصحيح الذي يجب على المسلم أن يقفه حيال ذلك، راجع الفتوى رقم: ٣٦٠٥٥ والفتوى رقم: ٤٠٧٦٧
وسبب عدم رضا أبي ذر عن تصرف معاوية وعثمان بأموال المسلمين رضي الله عنهم أجمعين، أن أبا ذر رضي الله عنه كان يرى وجوب التصدق بما زاد على النفقة اللازمة، التي يحتاج إليها المسلم، وكان يفتي بذلك، ويحث الناس عليه، ويغلظ في كلامه، ويحتج على ذلك بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (التوبة: من الآية٣٤) ، وخالفه في ذلك باقي الصحابة، وذهبوا إلى أن المقصود بالكنز: المال الذي لم تؤد زكاته، ولا ريب أن الحق مع الصحابة في ما ذهبوا إليه، فقد روى أبو داود عن ابن عباس قال: لما نزلت (والذين يكنزون الذهب والفضة) قال: كبر ذلك على المسلمين، فقال عمر: أنا أفرج عنكم، فانطلق فقال: يا نبي الله إنه كبر على أصحابك هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم.، قال في عون المعبود: وحاصل الجواب أن المراد بالكنز منع الزكاة لا الجمع مطلقاً.
وقال الإمام النووي في شرحه لمسلم عند قول أبي ذر رضي الله عنه: بشر الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفيه ويوضع على نغض كتفيه حتى يخرج من حلمة ثدييه يتزلزل.
"أما قوله بشر الكانزين، فظاهره أنه أراد الاحتجاج لمذهبه في أن الكنز كل ما فضل عن حاجة الإنسان، هذا هو المعروف من مذهب أبي ذر وروي عنه غيره، والصحيح الذي عليه الجمهور أن الكنز هو المال الذي لم تؤد زكاته، فأما إذا أديت زكاته فليس بكنز سواء كثر أم قل."
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٥ ذو القعدة ١٤٢٤